في خطوة أثارت اهتمام الشارع المصري، أعلنت الحكومة مؤخرًا عن مبادرة واسعة لخفض أسعار السلع الغذائية والأجهزة الكهربائية بنسب وصلت في بعض الحالات إلى 50%. خطوة وصفها الدكتور عبد الهادي مقبل، رئيس قسم الاقتصاد بكلية حقوق جامعة طنطا، بأنها إشارة واضحة على بداية مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي بعد سنوات من الضغوط التضخمية وارتفاع الأسعار.
هذه المبادرة، وفق رؤية الخبير، لم تأت من فراغ؛ بل تقف وراءها تحولات جوهرية في الاقتصاد الكلي، منها استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وتحسن احتياطيات النقد الأجنبي، وزيادة تدفق السلع في الأسواق بعد انحسار حدة الأزمات العالمية. وهو ما يعني ببساطة أن الاقتصاد المصري بدأ يخرج تدريجيًا من "عنق الزجاجة".
أثر مباشر على حياة المواطن
يشدد مقبل على أن المواطن البسيط هو المستفيد الأكبر من هذه الخطوة. فالغذاء والأجهزة المنزلية تمثلان الجزء الأكبر من ميزانية الأسرة الشهرية. لذلك، فإن أي خفض ملحوظ في أسعار هذه السلع يترجم إلى زيادة في القوة الشرائية وتخفيف الضغط عن المستهلكين. هذه الانعكاسات لا تقتصر فقط على أرقام الحسابات، بل تمتد إلى شعور عام بالارتياح والقدرة على مواجهة متطلبات الحياة اليومية.
تعزيز الثقة في السوق
ويضيف الخبير الاقتصادي أن هذه الخطوة سيكون لها أثر إيجابي مزدوج، فهي تعزز ثقة المواطنين في السوق المحلي من جهة، وتمنح المستثمرين مؤشرًا على جدية الدولة في المضي بسياسات اقتصادية متوازنة من جهة أخرى. انخفاض الأسعار لا يعني فقط وفرة في المعروض، بل يعكس أيضًا وجود رؤية اقتصادية تدرك أهمية الموازنة بين مصلحة المنتج والمستهلك.
دورة اقتصادية نشطة وازدهار مرتقب
بحسب مقبل، فإن ما يحدث اليوم يمثل نواة لمرحلة ازدهار تدريجي، حيث بدأ السوق في استعادة توازنه، وشارك القطاع الخاص بفاعلية في المبادرة عبر تقليص هوامش أرباحه مقابل زيادة حجم المبيعات. هذه الديناميكية تفتح الباب أمام دورة اقتصادية نشطة تدعم معدلات النمو وتخلق فرص عمل جديدة، بما يعزز مناعة الاقتصاد في مواجهة التحديات.
نحو تعافٍ مستدام
يختتم الخبير الاقتصادي رؤيته بالتأكيد على أن هذه المبادرة ليست مجرد خفض مؤقت للأسعار، بل إشارة قوية على مسار تعافٍ مستدام. وإذا ما استمرت هذه السياسات بالتوازي مع دعم الإنتاج المحلي وزيادة الاستثمارات، فإن مصر مقبلة على انفراجة أوسع تشمل مختلف القطاعات، لتتحول المبادرة من مجرد قرار اقتصادي إلى بداية حقبة جديدة من الاستقرار والازدهار.