تتواصل فصول المأساة في قطاع غزة، حيث لا يكاد الليل يمر دون أن تهتز أركان المدينة بانفجارات القصف الإسرائيلي، وسط دمار متزايد، ونزوح قسري، ومجاعة تفتك بالمدنيين، تتعمق الكارثة في ظل صمت دولي مريب، بينما تصعد إسرائيل من هجماتها وتواصل استخدام الحصار والتجويع كسلاح لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور عبداللة نعمة، المحلل السياسي اللبناني، إن تشهد غزة أسوأ سيناريو للجماعة، ويعاني عشرات الالاف من الأطفال من سوء تغذية يهدد حياتهم وزواجه الالاف المجاعة ويستمر العدوان على الفلسطينيين.
وأضاف نعمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن جيش الاحتلال يستمر في منع دخول المساعدات الغذائية والإنسانية إلى قطاع غزة ، الاحتلال يرتكب جريمة نوعية لم تتوقف عند حدود ارتكاب المجازر العسكرية فحسب بل يرتكب جرائم إبادة في طرق وأساليب وحشية ، في ظل طواطئ دولي الذي يقف عاجزا عن فك الحصار على الفلسطينيين الذين يموتون جوعا ، المجتمع الدولي الذي يتباهى بالعدالة والإنسانية وحقوق الإنسان وشعارتهم الكاذبة.
وأشار نعمة، إلى أن هذا النظام العالمي كنا نظن أنه وجد لحماية الإنسان، للأسف يستخدم تجويع الفلسطينيين وقتلهم وهم شعب اعزل والمجتمع الدولي يقف صامتا، لأن المصالح لهذي الدول مرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية، التي تدعم إسرائيل بكل ما تفعله بسبب المصالح المشتركة.
وتابع: "فهل غزة هي اختبارا اخلاقيا للعالم ، هل لم يعد هناك ضمير عالمي ، بالتجويع والقتل تفرض إسرائيل واقع سياسي جديد في غزة ، يقصي حماس ، ويعيد تشكيل السلطة بما يخدم مصالح إسرائيل، والصمت الدولي أصبح تواطؤ حتى الأمم المتحدة لم تتبنى قرار المجاعة في غزة حتى الآن هذا ليس خللا في المعايير بل قرار سياسي مغلف دوليا والمجتمع الدولي يغطي على
جرائم الاحتلال".
وقال سكان محليون في غزة إن الغارات الجوية والقصف المدفعي الإسرائيلي استهدفا مساء السبت وحتى صباح الأحد، المناطق الشرقية والشمالية من المدينة، مما أدى إلى تدمير عدد من المنازل والمباني السكنية، في تصعيد جديد يُنذر بمزيد من المعاناة الإنسانية.
وأكد الشهود أن الانفجارات دوت طوال الليل، خاصة في حيي الزيتون والشجاعية، بينما قصفت الدبابات الإسرائيلية منازل وطرقا في حي الصبرة القريب، وأسفرت العمليات عن تفجير عدة مبان في جباليا شمال قطاع غزة.
وفي بيان له، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته عادت للانتشار مؤخرا في مدينة جباليا، مدعيا أن الهدف هو "تفكيك البنية التحتية للمسلحين، بما في ذلك الأنفاق، ومنع عودة حركة حماس للتمركز هناك".
وأضاف البيان أن هذه العمليات "تهدف إلى توسيع نطاق القتال، وتعزيز السيطرة على مناطق إضافية".
وتصاعد القصف أدى إلى إشعال السماء بألسنة النيران، ما بث الذعر بين السكان، ودفع العديد من العائلات إلى النزوح من المدينة خوفا من الموت، في المقابل، عبر بعض الأهالي عن يأسهم قائلين: "نفضل الموت على التهجير".
تحذيرات فلسطينية من كارثة وشيكة
في السياق ذاته، أصدرت وزارة الخارجية الفلسطينية بيانا تحذيريا شديد اللهجة، أكدت فيه أن "إعادة احتلال مدينة غزة سيفاقم من كارثة الإبادة الجماعية، ويزيد من انتشار المجاعة، ويهدد بانهيار أسس الحياة لمليوني مدني في القطاع".
وشددت الوزارة على أن المجاعة في غزة ليست ناتجة عن قلة الموارد، بل سياسة إسرائيلية ممنهجة تستخدم التجويع كسلاح حرب، معتبرة أن هذا النهج يرقى إلى جريمة حرب مكتملة الأركان.
وانتقدت الوزارة عجز المجتمع الدولي عن التدخل، قائلة إن "الفشل في وقف المجاعة ينسف الأسس الأخلاقية التي تستند إليها الشرعية الدولية"، خاصة في ظل إقرار منظمات أممية بخطورة الوضع، ومطالبتها بفصل الاعتبارات الإنسانية عن المصالح السياسية.
وأكد البيان أن الدبلوماسية الفلسطينية مستمرة في تحركها السياسي والقانوني على الساحة الدولية، لحشد دعم واسع يهدف إلى وقف جرائم الإبادة، والتهجير القسري، ومخططات الضم، والعمل على تحميل المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية والأخلاقية.