قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

من حرب أكتوبر إلى كأس العالم.. قصة بطل اسمه الجوهري

أرشيفية
أرشيفية

لم يكن الجنرال محمود الجوهري مجرد اسم في قائمة مدربي الكرة المصرية، بل كان حالة فريدة تجاوزت حدود التكتيك والخطط، ليصبح رمزًا للوطنية والانضباط وصناعة المجد الكروي، ليس فقط في مصر، بل في العالم العربي بأسره.

وفي مداخلة تلفزيونية عبر برنامج "صباح الخير يا مصر"، تحدث الكاتب الصحفي عمر البانوبي، مؤلف كتاب "الجنرال محمود الجوهري"، عن إرث هذا المدرب الاستثنائي، كاشفًا أسرارًا وتفاصيل شكلت ملامح أسطورة لن تغيب عن ذاكرة المصريين.

صانع أمجاد الكرة المصرية

بحسب "البانوبي"، لا يمكن اختزال مسيرة الجوهري في مجرد نتائج أو بطولات، بل هي قصة بناء مشروع وطني كروي متكامل.
 

فهو أول من قاد منتخب مصر للتأهل إلى كأس العالم 1990 بعد غياب دام 56 عامًا، وحقق أول لقب لكأس العرب عام 1992، وتُوج بـكأس الأمم الإفريقية 1998، قبل أن يقود الفريق للمشاركة في كأس القارات 1999 بالمكسيك.

ولم يتوقف عند ذلك، بل اقترب من التأهل مجددًا إلى مونديال 2002، مؤكّدًا مكانته كأحد أعظم مدربي القارة السمراء.

رمز المدرب الوطني في قلوب الجماهير

أكد البانوبي أن الجوهري لم يكن مجرد مدرب ناجح، بل كان رمزًا للمدرب الوطني المخلص، ولذلك حظي بشعبية واسعة، حتى أن الجماهير كانت تهتف باسمه في الشارع قبل المدرجات.


وأوضح أن علاقة الجوهري بلاعبيه كانت تتجاوز التعليمات التكتيكية، لتصل إلى علاقة أبوية قائمة على الثقة والانتماء، وهو ما جعله قريبًا جدًا من اللاعب المصري، نفسيًا وفنيًا، على حد تعبيره.

الانضباط العسكري.. مفتاح النجاح

انعكست خلفية الجوهري العسكرية – كمحارب شارك في حرب أكتوبر المجيدة – على طريقته في التدريب والإدارة.

كان صارمًا في خططه، دقيقًا في تنظيم معسكراته، ومنضبطًا إلى أقصى حد، وهو ما انعكس في الانضباط الذي ميز أداء منتخباته داخل وخارج الملعب.

ووصفه البانوبي بأنه كان "ينقل روح العسكرية إلى الكرة باحترافية وذكاء"، مشيرًا إلى أن هذه الروح افتقدتها الكرة المصرية كثيرًا بعد رحيله.

تجربة أردنية فريدة.. من تأسيس دوري إلى صناعة جيل

لم يكن عطاء الجوهري محصورًا داخل حدود الوطن، بل امتد إلى الخارج، وبالتحديد في الأردن، حيث تولى مسؤولية المنتخب الوطني، وبدأ مشروعًا شاملًا لتطوير الكرة الأردنية من القاعدة إلى القمة.

أنشأ الأكاديميات، نظم الدوري، وضع آليات لاختيار المواهب، وصنع جيلًا جديدًا من اللاعبين.

وعلّق البانوبي على هذه التجربة قائلاً: "كانت تجربة فريدة تعكس عقلية الجوهري كمهندس كروي، لا مجرد مدرب".

امتلك الجوهري شجاعة فنية نادرة، جعلته يدفع باللاعبين الشباب في لحظات حاسمة.

اعتمد على أحمد الكاس في كأس العالم 1990، وأشرك نادر السيد في كأس العرب 1992، وقدم ميدو في سن 17 عامًا خلال تصفيات مونديال 2002.

قراراته هذه لم تكن مجازفات، بل رهانات محسوبة من صانع أجيال حقيقي.

المعسكرات.. روح أكتوبر في الملاعب

لم تكن معسكرات الجوهري مجرد تجمعات تدريبية، بل مدارس عسكرية ميدانية، تجمع بين الانضباط والجانب الإنساني.
في معسكري كأس العالم 1990 وبطولة إفريقيا 1998 ببوركينا فاسو، تجلت قدرة الجوهري على خلق روح جماعية متماسكة بعيدًا عن الرفاهية، مع حرص دائم على كسر الملل وبناء علاقة حقيقية مع اللاعبين.

تحديات لم تكسره.. بل عززت أسطورته

رغم إنجازاته، لم تكن مسيرة الجوهري خالية من العراقيل.
تعرض لأكثر من إقالة من اتحاد الكرة بعد أي إخفاق مؤقت، لكنه كان يعود دائمًا بناءً على مطالب الجماهير والمسؤولين، الذين رأوا فيه المنقذ وقت الأزمات.
وهذا التكرار لم يكن ضعفًا، بل دليل على مكانة رجل يصعب تعويضه.

واختتم البانوبي حديثه بالتأكيد على أن محمود الجوهري لا يزال حاضرًا في ذاكرة المصريين، ليس فقط بالبطولات، ولكن بالمبادئ، والقدوة، والرؤية التي زرعها في الكرة المصرية والعربية.
وأضاف أن هذا الإرث الضخم يجعل الجوهري أيقونة بين المدربين العرب والأفارقة في آخر نصف قرن.