في خضم التوترات المستمرة في شرق أوروبا، عاد اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليتصدر العناوين بعد إعلانه أنه سيتحدث قريباً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطوة تثير تساؤلات حول طبيعة هذا التواصل وتوقيته.
الإعلان جاء بعد سلسلة محادثات أجراها ترامب عبر الفيديو مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدد من القادة الأوروبيين، في وقت يبحث فيه الغرب عن مخرج لأزمة أوكرانيا المستمرة منذ عام 2022.
تصريح مفاجئ على هامش لقاء اقتصادي
خلال مشاركته في عشاء مع كبار رؤساء شركات التكنولوجيا بالولايات المتحدة، وجّه الصحفيون سؤالاً إلى ترامب حول ما إذا كان سيتحدث قريباً مع بوتين. فجاء رده واضحاً: "نعم، سأتحدث إليه"، مضيفاً أنه يعمل على إنهاء الحرب في أوكرانيا.
هذا التصريح فتح الباب أمام التكهنات بشأن تحركات دبلوماسية موازية أو مبادرات جديدة قد يسعى ترامب لطرحها، خاصة أنه سبق أن أبدى مراراً عدم رضاه عن مسار الحرب الحالي.
رد الكرملين: لا تحضيرات رسمية
الكرملين لم يتأخر في الرد، حيث أكد المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف أنه "لا توجد تحضيرات" حالياً لأي محادثات بين بوتين وترامب، لكنه لم يغلق الباب تماماً، مشيراً إلى إمكانية ترتيب لقاء أو اتصال سريع في حال تطلّب الأمر.
هذا الرد يعكس حذر موسكو في التعامل مع أي مبادرات غير رسمية، خصوصاً في ظل استمرار الضغوط الغربية والعقوبات المتصاعدة.
اجتماع تحالف داعم لكييف
تصريحات ترامب جاءت بعد اجتماع لما يُعرف بـ"تحالف الراغبين"، وهو تجمع يضم نحو 30 دولة، معظمها أوروبية، لدعم أوكرانيا. وقد جرت المشاورات بين القادة في باريس وعبر الفيديو، وتركزت على الضمانات الأمنية التي ينبغي تقديمها لكييف، إضافة إلى بحث سبل زيادة الضغط على موسكو لدفعها إلى مفاوضات سلام.
زيلينسكي من جانبه استغل المناسبة للقاء مبعوث خاص من البيت الأبيض، في خطوة تشير إلى رغبة أوكرانيا في تعزيز دور واشنطن بالملف الأمني والسياسي.
موقف روسيا من الضمانات الأمنية
في المقابل، اعتبرت موسكو أن أي ضمانات أمنية تقدمها الدول الغربية لأوكرانيا "غير واقعية". بيسكوف شدد على أن القوات الأوروبية أو الأميركية "لا تستطيع" ضمان أمن أوكرانيا، مؤكداً أن هذا الطرح غير مقبول بالنسبة لروسيا.
هذا الموقف يبرز الهوة العميقة بين الطرح الغربي والرؤية الروسية لأي اتفاق سلام محتمل، ما يزيد من صعوبة التوصل إلى تفاهمات في المدى القريب.
العقوبات الأميركية في الواجهة
الأوروبيون الذين يضغطون من أجل حل، طالبوا ترامب بفرض عقوبات أمريكية جديدة على روسيا. وفي تصريحات سابقة، لمّح الرئيس الأمريكي إلى احتمال اتخاذ إجراءات إضافية ضد موسكو إذا لم تُبدِ جدية في التوجه نحو السلام، لكنه لم يكشف عن تفاصيل محددة بشأن نوعية العقوبات أو توقيتها.
ما بين إشارة ترامب إلى اتصاله المرتقب ببوتين، واجتماعات باريس المكثفة، تتضح ملامح مشهد دولي متحرك يحاول إيجاد ثغرة في جدار الأزمة الأوكرانية. ورغم التباين الحاد بين الغرب وروسيا حول الضمانات الأمنية، فإن مجرد الحديث عن تواصل محتمل بين ترامب وبوتين يضيف بعداً جديداً للنقاش، ويطرح تساؤلاً محورياً: هل سيكون هذا الاتصال بداية لاختراق سياسي، أم مجرد حلقة جديدة في سلسلة مناورات دبلوماسية؟