أكد السفير باسم حسن سفير مصر لدى تونس أن العلاقات المصرية التونسية تمر بواحدة من أكثر مراحلها تميزاً، حيث وصلت لإدراك متبادل بحتمية الشراكة الوثيقة لمواجهة التحديات المشتركة، وهو ما تعزز بفضل التنسيق والتشاور المستمر بين قيادتي البلدين، وعلاقات الصداقة والتقدير الكبير بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس قيس سعيِّد، واستمرار اللُحمة بين الشعبين، انطلاقاً من اعتقاد راسخ متبادل بأن أمن وازدهار تونس من أمن وازدهار مصر، والعكسُ صحيح.
جاء ذلك في حوار خاص مع وكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم بمناسبة انعقاد أعمال اللجنة العليا المشتركة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء وسارة الزعفراني الزنزري رئيسة الحكومة التونسية وتقرر عقد دورتها الثامنة عشرة بالقاهرة يوم الاثنين المقبل وتستمر اجتماعاتها حتى الخميس القادم بمشاركة السادة الوزراء المعنيين من الجانبين.
وأعلن السفير باسم حسن أنه تم توجيه الدعوة من الرئيس السيسي إلى نظيره التونسي للمشاركة في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير الذي نعتبره صرحاً ثقافياً جديداً في مصر والمنطقة.
وقال إنه من المنتظر أن تشهد اجتماعات اللجنة الاتفاق والتوقيع على عدد من مذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في عدد من المجالات بالغة الأهمية والتي سيتم الإعلان عنها فور انعقاد أعمال اللجنة.
وأضاف سفير مصر لدى تونس - فى رده على سؤال حول الزخم المتنامي في العلاقات بين البلدين وترجمته خلال أعمال الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة - أنه وما من شك فإن تشكيل اللجنة على هذا المستوى الرفيع وحرص الجانبين على انتظام دورية عقدها له دلالته السياسية الواضحة بشأن تقدير الطرفين للعلاقات الثنائية والشراكة القائمة بينهما.
وأشار إلى أن هذه الدورة للجنة ستشهد منتدى مهماً للغاية لكبار رجال الأعمال والمستثمرين من البلدين، حيث سيتم عقده على هامش اللجنة تحت رعاية رئيسي مجلس الوزراء وبمشاركتهما، وهو ما يعكس إدراكاً متبادلاً بأهمية دور القطاع الخاص في النهوض الفعلي بعلاقات التبادل التجاري والاقتصادي وضرورة تعزيز التواصل المباشر بين كبار رجال الأعمال في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والإنشائية.
ووصف السفير باسم حسن العلاقات بين مصر وتونس بأنها علاقات أخوية وتضرب بجذورها بين الشعبين والحضارتين في عمق التاريخ، غير أن المرحلة الحالية بالتحديد تشهد نمواً مطرداً في مستويات التعاون السياسي والعسكري والأمني، وتوافقاً غير مسبوق تجاه سبل معالجة مختلف ملفات السياسة الخارجية والأزمات الإقليمية في المنطقة.
وفيما يخص علاقات التعاون الاقتصادي ومعدلات التبادل التجاري.. قال سفير مصر لدى تونس إنه بالتوازي مع هذا التنامي الملموس في مستويات العلاقات السياسية والتعاون الأمني، فإن هناك خطوات جادة نحو مضاعفة معدلات التبادل التجاري والثقافي والسياحي بين البلدين، ونحو تعزيز نشاط وتواجد كبريات الشركات المصرية في تونس، وزيادة تدفقات الاستثمارات البينية.. مبرزا المساعي الحثيثة للارتقاء بهذه العلاقات نحو آفاق أرحب بما يتسق مع تطلعات الشعبين الشقيقين وتوجيهات رئيسي البلدين.
وأشار السفير باسم حسن - الذى تولى منصبه أواخر العام الماضي - إلى أن هذه العلاقات قد شهدتُ خلال هذه الفترة تكثيفاً ملموساً لوتيرة الزيارات المتبادلة من جانب الوزراء وكبار المسئولين من البلدين بشكل ربما يكون غير مسبوق بالزيارة الهامة التي قام بها وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي إلى تونس ومشاوراته المثمرة مع شقيقه وزير خارجية تونس حول مختلف الأزمات والتطورات الإقليمية، والاتفاق على الحفاظ على دورية انعقاد اللجان القطاعية المشتركة، وتكثيف الاستعدادات لعقد الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة في شهر سبتمبر الجاري.
وأضاف أن الأشهر القليلة الماضية شهدت كذلك عددا من الزيارات الوزارية من بينها زيارة وزير الاستثمار والتجارة لعقد اللجنة التجارية المشتركة برئاسة وزيري التجارة في تونس في شهر أبريل الماضي، والتي نجحت في الاتفاق على عدد من الخطوات والإجراءات العملية لتيسير التبادل التجاري وإزالة بعض المعوقات المحددة أمام انسياب حركة التجارة، فضلاً عن الإعلان لأول مرة عن هدف كمي متمثل في مضاعفة المستوى الحالي لقيمة التبادل التجاري ليصل إلى مليار دولار سنوياً خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وأشار إلى المشاورات المهمة التي أجراها كل من وزير الزراعة مع نظيره التونسي في تونس في أبريل الماضي حول عدد من المشروعات الاستثمارية المشتركة الكبرى، فضلاً عن المشاورات المثمرة التي أجراها وزير التعليم العالي والبحث العلمي مع نظيره التونسي في تونس في شهر فبراير الماضي، والزيارتين المهمتين اللتين أجراهما رئيس الهيئة الوطنية للإعلام أواخر العام الماضي ومنتصف العام الجاري واللقاءات التي أجراها مع القيادات الإعلامية التونسية، وغيرهم من السادة الوزراء وكبار المسئولين.
وعلى صعيد التعاون بين شركات القطاع الخاص فى البلدينأعرب سفير مصر لدى تونس عن سعادته لما تم رصده من اهتمام ملموس من جانب كبريات الشركات المصرية بتعزيز تواجدها ونشاطها في السوق التونسية، ومبادرة الكثير من كبار رجال الأعمال والمستثمرين بإجراء زيارات لتونس لاستكشاف فرص الإسهام في مشروعات البنية التحتية ذات الأولوية للجانب التونسي.
وأضاف : نشعر كذلك بالفخر إزاء عدد من قصص النجاح المتميزة لشركات تونسية أقامت مصانع واستثمارات مهمة في مصر لتحقيق الاستفادة القصوى من إصلاحات مناخ الاستثمار والأطر القائمة في إطار عدد من الاتفاقيات التجارية المشتركة".
وشدد على أن هناك اقتناعاً متبادلاً بأن حجم التقارب بين الحكومتين والشعبين المصري والتونسي، ورصيد الثروة البشرية والخبرات المتراكمة لدى البلدين، تعد جميعها عناصر من شأنها تمكين الدولتين من إرساء نموذج يُحتذى به في التكامل والتعاون العربي البناء، وتوظيف عضويتهما المشتركة في العديد من الأطر الإقليمية ومتعددة الأطراف، ومن بينها جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي وتجمُّع (الكوميسا) والاتحاد من أجل المتوسط وغيرها، في تحقيق المزيد من التكامل الاقتصادي المثمر الذي يعود بالنفع على الشعبين وعلى محيطهما الإقليمي.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان عمل السفارة المصرية في تونس أو الإعداد للجنة المشتركة قد تأثر بالحملة الدعائية التي استهدفت تشويه صورة الدور المصري تجاه القضية الفلسطينية والأزمة في غزة.. نفى السفير المصري ذلك بشكل مطلق.. مؤكداً أن الجانبين يعتزان للغاية بمتانة الأخوة والشراكة بين البلدين ويقدران مواقفهما التاريخية والحالية الداعمة للحقوق الفلسطينية والساعية لإنهاء الأزمة والمعاناة الحالية في غزة.
وأوضح أن كافة القيادات التونسية، وكذلك المثقفين التونسيين ووسائل الإعلام والفئات الواعية التي تمثل الأغلبية الكاسحة التي تعبر عن الرأي العام، تؤكد أن تلك الحملة الدعائية المغرضة - التي تحاول هباءً النيل من صورة الدور المصري تجاه القضية الفلسطينية - إنما يقف وراءها أطراف خبيثة وجماعات إجرامية.
وشدد على أن الجميع في مصر وتونس على حد سواء يدركون أن تلك الأطراف تعتنق نفس أفكار الإرهابيين والمتطرفين الذين سبق لهم استهداف أمن تونس وأمن مصر ومختلف الدول العربية، حيث تحاول جماعات الإسلام السياسي والساعون لتدمير الدول دوماً إساءة توظيف التعاطف والدعم للقضية الفلسطينية واللذين تشترك فيهما كافة الشعوب والحكومات العربية، لتأليب الشعوب ضد الحكومات لتقويض الاستقرار وخلق الفوضى بما قد يخدم مؤامرات تلك الجماعات المغرضة.
وأشار إلى أن شن تلك الحملات يتركز في الفضاء الإلكتروني والعالم الافتراضي حيث تديرها خلايا مجندة لذلك بدعم من أطراف وتنظيمات معروفة دون تأثير فعلي على الشارع أو الرأي العام الحقيقي.
واستطرد إن كافة التصريحات الرسمية لكبار المسئولين التونسيين تشدد على تقدير دور مصر التاريخي والحالي تجاه القضية الفلسطينية وتثمين جهود مصر لوقف العدوان على غزة وإدخال المساعدات الإنسانية، وعلى أنه لا مجال للمزايدة على دور وتضحيات مصر تجاه فلسطين.
وأوضح السفير باسم حسن أنه وبشكل عام، فقد دفع الإدراك المتبادل بين مصر وتونس لوحدة التحديات والتهديدات المشتركة إلى تكثيف التعاون والتنسيق الثنائي تجاه مختلف التطورات والأزمات الإقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والسعي المشترك للحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة الوطنية في كل الدول العربية في مواجهة الفوضى والفتن، والعمل على التعامل بشكل منسق ومشترك مع مختلف قضايا التنمية المستدامة ومكافحة الإرهاب والتطرف، والهجرة غير النظامية.
وفيما يتعلق بالتعاون الثقافي بين البلدين.. قال السفير المصري إن المجال الثقافي يعد واحدًا من أبرز مجالات التعاون المثمر والنشيط بين البلدين على ضوء الروابط الثقافية شديدة التميز بينهما، وثراء المواهب من الفنانين والمبدعين في كافة مجالات الطرب والموسيقى والسينما والمسرح وغيرها.
وأعرب عن سعادته الكبيرة بالمشاركات المصرية المتميزة في الدورة الأخيرة لمهرجان قرطاج الدولي في شهر أغسطس الماضي، والتي لاقت إقبالاً تاريخياً وخلفت أصداءً شديدة الإيجابية، وشهدت تعاونا متميزاً وغير مسبوق بين تلفزيوني البلدين لبث الحفلات بشكل مشترك.