الذكاء الاصطناعي هو راس الحديث خلال المنتديات والمؤتمرات في مختلف المجالات في الوقت الحالي. وعلى مستوى صناعة الإعلام والترفيه شهدت القاهرة انعقاد جولة تحضيرية لقمة بريدج للإعلام التي ستقام في العاصمة الاماراتية ابو ظبي خلال ديسمبر المقبل، ولم يكن الحديث عن الذكاء الاطناعي وصناعة الاعلام بعيدا عن محاور النقاش.
اعتقد ان ما تؤسس له قمة بريدج - ان تم كما هو مخطط- ان تصبح منصة إقليمية ودولية تلتقي فيها خبراء من مجالات الإعلام والفنون والترفيه.
هذه القمة لم تتجاهل محور الذكاء الاصطناعي بوصفه حجر الأساس في المناقشات التي ستتم في القمة.
فالذكاء الاصطناعي يمثل ثورة تقنية تهدد بتغيير قواعد اللعبة في صناعة المحتوى الاعلامي والترفيهي عالميا.
الحقيقة ان الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة مساعدة بل أصبح شريكا في صياغة الأخبار وإنتاج الأفلام وبناء المنصات الترفيهية من خوارزميات التوصية التي تحدد ما نشاهده إلى الروبوتات الإبداعية القادرة على كتابة نصوص درامية وسينمائية أو تلحين موسيقى. فمع كل هذه التطورات اصبحت صناعة الإعلام والترفيه تقفان على أعتاب مرحلة جديدة من الإبداع الذي يجمع بين البشر والروبوتات.
لكن هذا التقدم الذي يشهده العالم يطرح سؤالا محوريا.. هل يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي ضمير؟ وهو ما طرحته على الدكتور جمال الكعبي رئيس المكتب الوطني للاعلام ونائب رئيس قمة بريدج خلال لقائي به في القاهرة . فمن المهم أن تهتم قمة بريدج بما يمكن تسميته بـ"ضمير الذكاء الاصطناعي"- وأقصد به هنا صياغة أطر أخلاقية ومعايير حاكمة تضمن أن هذه التقنيات تعمل بشكل لايضلل الجماهير ولا ينحاز أو يضر.
وفي هذا السياق كان حديث الدكتور جمال بالنسبة لي محل تقدير واسع فهو شخصية اعلامية لديها وعي حقيقي بصناعة الاعلام ولديه رؤى استشرافية ايضا – فهو يعمل بشغف- نحو كل ما هو جديد. في حديثه اكد أن القمة ليست مجرد استعراض للتقنيات بل رؤية شاملة تعيد صياغة موقع الإعلام والترفيه في العالم. وأكد أن إدماج الذكاء الاصطناعي بوعي ومسؤولية مع إعلاء البعد الأخلاقي هو الطريق لضمان أن يظل الإعلام أداة للمعرفة والثقافة والنهضة لا مجرد صناعة خاضعة لمنطق السوق والعرض والطلب فقط.
الحقيقة ان ما تؤسس له قمة بريدج سيظل محل اهتمام صناع الاعلام والترفيه خلال الفترة المقبلة، فإدراج البعد الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في نقاشات قمة بريدج يعكس إدراكا عميقا أن التقنية وحدها لا تكفي. فالإعلام والترفيه ليسا مجرد صناعات ربحية بل مسؤولية ثقافية ومجتمعية تؤثر في وعي الملايين. وبالتالي فإن بناء مستقبل متوازن للإعلام الرقمي يتطلب دمج الابتكار التكنولوجي مع البوصلة الأخلاقية أي أن يكون الذكاء الاصطناعي ذكيا ولديه ضمير، وهو ما يمكن ان نسميه الذكاء الاصطناعي الواعي.
اعتقد ان قمة بريدج في دورتها الاولى ستتمكن من استقطاب أبرز الأصوات العالمية والإقليمية لتحفر مكانتها كمنصة لا تكتفي برصد التحولات بل تساهم في صياغة مستقبل الإعلام والترفيه بروح مسؤولة وإنسانية .