منذ بدء العدوان الإسرائيلي علي غزة بعد أكتوبر 2023، تزايدت الدعوات في الأوساط الدولية لفرض مواقف تضامنية مع الفلسطينيين، سواء احتجاجًا على الأوضاع الإنسانية أم طلبًا لمساءلة قانونية لدولة الاحتلال.
وتحولت هذه الدعوات إلى سلسلة من المقاطعات الثقافية والرياضية، إلى إجراءات اقتصادية وعقوبات، وتغيرت موازين العلاقات مع إسرائيل على الصعيد الرسمي وغير الرسمي.
إسبانيا: من المواقف الرسمية إلى المقاطعة الثقافية والرياضية
في سبتمبر 2025، أعلن المنظمون في إسبانيا (الهيئة الوطنية للبث) أنهم سيقاطعون مسابقة يوروفيجين لعام 2026 إذا شاركت إسرائيل فيها، بعد تصويت مجلس الإدارة بـ10 أصوات مؤيدة، و4 معارضة، وامتناع صوت واحد.
وصرح وزير الثقافة الإسباني إرنست أورتاسو بأن المشاركة الإسرائيلية لا يمكن “تطبيعها كما لو أن ما يحدث لا شيء”، معتبرًا أن المشاركة تمثل “تمثيلًا لدولة” وليس مجرد فنان مستقل.
ودعا رئيس الوزراء بيدرو سانشيز المنظمات الرياضية إلى التفاعل مع الموقف الأخلاقي، قائلاً إنه لا يمكن لقيم حقوق الإنسان أن تكون منفصلة عن الرياضة، وأنه يجب أن يساءل ما إذا كان من المقبول أن تستمر إسرائيل في منافسات دولية طالما استمرت الأفعال التي وصفها بـ “الفظائع” في غزة.
أيضاً، هناك اقتراحات (لم تصبح حتى الآن قرارات نهائية) بوقف مشاركة إسبانيا في كأس العالم 2026 إذا تأهلت إسرائيل إليه.
مقاطعة الفعاليات الفنية والثقافية
انسحب عدد من الفنانين الإسبان من مهرجان سونار للموسيقى بمدينة برشلونة، بسبب ارتباطات منظم المهرجان بشركة استثمارية تتهم بأنها تستثمر في مشاريع مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية. وتمنح هذه المقاطعات الموقف الثقافي بعدًا شعبيًا كبيرًا يعكس رفضًا من قبل الفنانيين والجمهور تجاه الانتهاكات الإسرائيلية.
العزلة الرياضية
شهدت مباريات بين فرق إسبانية وإسرائيلية، احتجاجات في الشوارع، ورفع شعارات داعمة للفلسطينيين. قبل مباراة كرة سلة بين ريال مدريد وفريق مكابي تل أبيب، خرجت احتجاجات في مدريد ضد استخدام الرياضة لتجميل صورة إسرائيل.
كما يوجد مقترحات حظر للمشاركة. فيدعو بعض السياسيين الإسبان لحرمان إسرائيل من المشاركة في المنافسات الدولية، بالاستناد إلى مبدأ المساواة (كما تم مع روسيا بعد غزوها لأوكرانيا).
العزلة الاقتصادية والعقوبات
الاتحاد الأوروبي بصدد اقتراح تعليق بعض بنود الاتفاقية التجارية التفضيلية مع إسرائيل، بحيث تفرض رسوم جمركية عادية على بضائع إسرائيلية كانت تستفيد من معاملات مميزة، وهو ما قد يكبد الاقتصاد الإسرائيلي مئات الملايين من اليوروات سنويًا.
بالإضافة إلى فرض الرسوم، هناك مقترحات لتعليق المساعدات المالية/الثقافية التي تشكل جزءًا من التعاون بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
وتؤثر العزلة الدولية بهذا الشكل ليس فقط في النطاق الرمزي (الوصم الإعلامي، الضغط الأخلاقي)، بل قد تحدث تأثيرًا عمليًا على الاقتصاد الإسرائيلي، على تصدير السلع، وعلى القدرة على التشبيك الثقافي والرياضي.
لكنها تواجه أيضاً تحديات كثيرة. هي تحتاج إلى اتفاق واسع داخل مؤسسات مثل الاتحاد الأوروبي، وإلى توازن بين الضغط السياسي وبين مخاطر الردود أو العواقب القانونية، أو توتر العلاقات الدبلوماسية.