قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أستاذ قانون دولي : الفيتو الأمريكي غطاء قانوني لحرب بلا مساءلة

الفيتو الأمريكي غطاء قانوني لحرب بلا مساءلة
الفيتو الأمريكي غطاء قانوني لحرب بلا مساءلة

منذ اندلاع الحرب الأخيرة على غزة، بات من الواضح أن الأزمة لم تعد تقتصر على نطاقها الإقليمي فقط، بل تجاوزت ذلك لتكشف عورات النظام الدولي القائم، وتحديدا ما يتعلق بآليات عمل مجلس الأمن واستخدام "حق النقض" بشكل انتقائي ومجحف. 

والموقف الأمريكي المتكرر في عرقلة قرارات وقف إطلاق النار، رغم التوافق الدولي شبه الكامل، يثير تساؤلات جوهرية حول صدقية المنظومة الأممية، ويطرح علامات استفهام كبيرة حول ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية. 

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور جهاد أبو لحية، أستاذ القانون الدولي والنظم السياسية، إن منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، والتي وصفها كثير من الخبراء القانونيين والمراقبين الدوليين بأنها ترقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية، استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو) للمرة السادسة لمنع مجلس الأمن الدولي من تبني قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار. 

وأضاف أبو لحية- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هذا السلوك يعكس بوضوح الانحياز الأمريكي غير المحدود لإسرائيل، حتى على حساب المبادئ الأساسية للقانون الدولي وحقوق الإنسان، ويؤكد أن حياة المدنيين الفلسطينيين لا تدخل ضمن حسابات الإدارة الأمريكية.

ضرب مفاعل ديمونة.. ماذا وراء تصريحات الحرس الثوري؟

وأشار أبو لحية، إلى أن العالم بأسره يشاهد عبر الفضائيات، وبصورة مباشرة، ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من قصف ودمار وقتل جماعي، إلا أن "العيون الأمريكية" في البيت الأبيض تتجاهل هذه الحقائق، معقبا: "فبينما تتحدث الولايات المتحدة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في المحافل الدولية، نجدها في الممارسة العملية توفر الغطاء السياسي والدبلوماسي لإسرائيل، مانعة المجتمع الدولي من القيام بخطوات فعلية لوقف النزيف الإنساني".

وتابع: "يؤكد ميثاق الأمم المتحدة في مادته الأولى على أن الهدف الرئيس للمنظمة هو حفظ السلم والأمن الدوليين، غير أن استخدام الولايات المتحدة للفيتو، في مواجهة إجماع دولي واسع (14 دولة مقابل صوت واحد)، أدى إلى شلل مجلس الأمن وعجزه عن أداء دوره، وهذه المرة لم يقتصر الاعتراض على دول الجنوب العالمي فحسب، بل إن حتى بعض الحلفاء الأوروبيين لواشنطن رفعوا صوتهم عاليا مطالبين بفرض عقوبات على إسرائيل، بعدما باتت الكارثة الإنسانية في غزة واضحة للعيان ولا يمكن تبريرها".

وأردف: "الفيتو الأمريكي ليس مجرد موقف سياسي عابر أو تصويت ضد مشروع قرار، بل هو أداة لإدامة حرب الإبادة الجماعية، واستمرار الحماية الأمريكية لإسرائيل يساهم في تمكين الحكومة الإسرائيلية، بقيادة بنيامين نتنياهو وتحالفه من المتطرفين، من مواصلة الحرب ضد المدنيين الفلسطينيين بلا رادع دولي". 

وأكمل: "هذه الحالة تكشف عجز النظام الدولي الحالي عن حماية الشعوب من الجرائم الجماعية، ويطرح هنا تساؤل جاد حول مستقبل مجلس الأمن في ظل استفراد دولة واحدة بقرار نقض الإرادة الجماعية لـ 14 عضوا آخرين، ومن المقترحات الأكاديمية المطروحة: إلغاء حق الفيتو أو الحد منه، وإعادة تعريف آلية استخدامه بحيث لا يمكن لدولة واحدة تعطيل قرار يحظى بأغلبية ساحقة، تقييد الفيتو في القضايا المتعلقة بجرائم الحرب والإبادة الجماعية، إذ لا يمكن القبول بمنح دولة واحدة حق حماية مرتكبي أبشع الجرائم ضد الإنسانية".

واختتم: "الفيتو الأمريكي السادس ضد وقف إطلاق النار في غزة يعكس أزمة أخلاقية وقانونية للنظام الدولي المعاصر، فهو يبرز الانحياز الأمريكي لإسرائيل على حساب حياة المدنيين الفلسطينيين، ويكشف محدودية دور مجلس الأمن في حماية السلم والأمن الدوليين، واستمرار هذه المعادلة يفرض على المجتمع الدولي الدفع نحو إصلاحات جذرية في بنية الأمم المتحدة، حتى لا تبقى حقوق الشعوب رهينة لمصالح قوة واحدة".

والجدير بالذكر، أن إصرار الولايات المتحدة على استخدام الفيتو لحماية إسرائيل، رغم الإدانات الدولية الواسعة والمشاهد المروعة للكارثة الإنسانية في غزة، لا يمكن تفسيره إلا كامتداد لانحياز استراتيجي أعمى، يتجاوز كل القيم والمبادئ التي يفترض أن تشكل جوهر النظام الدولي.