رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في عددها الصادر اليوم الأحد، أن الخطة الأخيرة التي طرحتها إدارة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة المنكوب ربما تترك الباب مفتوحًا أمام إمكانية إقامة دولة فلسطينية .
وأفادت الصحيفة، في سياق تقرير، أن الخطة المكونة من 21 بندًا تتضمن نزع سلاح حركة حماس وإنشاء قوة أمنية دولية وتفعيل ما يسمى بـ "خطة ترامب للتنمية" لإعادة إعمار القطاع، رغم أن إسرائيل قد تعارض بعض بنودها.
وتبدأ الخطة بوقف فوري لجميع العمليات العسكرية وتجميد الوضع على الأرض وإطلاق سراح جميع الرهائن البالغ عددهم 20 شخصاً خلال 48 ساعة، بالإضافة إلى تسليم جثامين أكثر من 20 شخصًا يُعتقد بأنهم لقوا حتفهم .
ووفقاً للخطة التي حصلت عليها "واشنطن بوست" وأكدها مسئولون من دولتين أطلعوا على بعض بنودها، سيتم تدمير جميع أسلحة حماس الهجومية ومنح عفوًا لمن ينضمون إلى "العملية السلمية" مع تسهيل سفر أعضاء حماس الراغبين في مغادرة غزة إلى دول أخرى .
ولم توافق إسرائيل أو حماس على الخطة التي تتكون من ثلاث صفحات، والتي شاركها مسئولون أمريكيون مع حكومات إقليمية وحليفة في اجتماعات رفيعة المستوى جرت في الأمم المتحدة خلال الأسبوع الماضي، ولكن يُتوقع أن يضغط الرئيس ترامب على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقبولها خلال لقائهما المنتظر غدًا الاثنين في البيت الأبيض.
وقال مسئول إسرائيلي كبير للصحافة أمس الأول إن القيادة الإسرائيلية لا تزال بحاجة لمراجعة الخطة قبل اجتماع الاثنين، في حين أكد مسئولون إقليميون أن حماس لم تتلقَ نسخة من الخطة حتى الآن.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت بنود الخطة المتعلقة بالحكم والخدمات الأمنية وإعادة الإعمار والتنمية في غزة قد بدأت بالفعل، أو مدى سرعة تنفيذها في حال اقتراب وقف إطلاق النار.
وقال ترامب، الذي وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء حرب غزة بسرعة وأكد مرارًا أن السلام قادم لا محالة، للصحافة أمس الأول: "أعتقد أن لدينا اتفاقًا بشأن غزة. نحن على وشك التوصل إليه. وأعتقد أنه اتفاق سيؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن. إنه اتفاق سيحقق السلام".
مع ذلك، أشارت "واشنطن بوست" إلى أن الخطة لا توضح حتى الآن تفاصيل كيفية تنفيذ بنودها الـ 21، باستثناء وقف إطلاق النار الأولي وإطلاق سراح الرهائن وزيادة المساعدات الإنسانية. ورغم أن الخطة تنص على عدم إجبار سكان غزة على المغادرة وأن لكل من يغادر الحق في العودة، إلا أنها لا تتناول مكان إقامة هؤلاء السكان أثناء تنفيذ "خطة ترامب للتنمية الاقتصادية لإعادة إعمار القطاع".
وقال مسئول من المنطقة، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته: "لا شيء نهائي حتى الآن. هذه مجرد أفكار أولية". وأضاف: "لا تزال هناك أمور تحتاج إلى مزيد من التفصيل".
ولم يجب البيت الأبيض على الفور عن أسئلة حول هذه المقترحات، فيما نشرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" بعض تفاصيل هذه الخطة أمس السبت. وكذلك، تشمل المقترحات الأمريكية بعض التفاصيل الدقيقة. فمثلاً، تنص على أنه "بعد إطلاق سراح جميع الأسرى، ستطلق إسرائيل سراح 250 سجينًا محكومًا عليه بالسجن المؤبد بالإضافة إلى 1700 من سكان غزة الذين اعتقلوا بعد 7 أكتوبر. وستطلق إسرائيل جثث 15 من سكان غزة مقابل كل جثة لأسرى إسرائيليين يتم تسليمها".
وتشير المقترحات إلى أنه "مع قبول هذه الاتفاقية، سيتم إرسال المساعدات الكاملة إلى قطاع غزة فورًا، بما في ذلك إعادة تأهيل البنية التحتية مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي وإعادة تأهيل المستشفيات والمخابز وإدخال المعدات اللازمة لإزالة الأنقاض وفتح الطرق". لكن الخطة لا تتطرق إلى الجهة التي ستتولى هذا العمل أو تمويله.
كما تنص المقترحات على أنه "سيتم إدخال المساعدات وتوزيعها دون تدخل من الطرفين، من خلال الأمم المتحدة ووكالاتها، بالإضافة إلى المؤسسات الدولية الأخرى غير المرتبطة بأي شكل من الأشكال بأي من الطرفين". ولم يتضح ما إذا كان ذلك يشمل مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي قدمت مساعدات في جنوب غزة.
وتتضمن الخطة أيضًا تشكيل "حكومة انتقالية مؤقتة" من "فلسطينيين مؤهلين وخبراء دوليين" لإدارة الخدمات العامة اليومية في غزة على أن تشرف على هذه الحكومة "هيئة دولية جديدة" أنشأتها الولايات المتحدة بالتشاور مع دول أخرى، بينما ستواصل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية إصلاحاتها الداخلية حتى تصبح مؤهلة لإدارة غزة في المستقبل. كما ستعمل الولايات المتحدة "بالتعاون مع الشركاء العرب والدوليين على إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة لتنفيذ مهامها على الفور والإشراف على الوضع الأمني في غزة" أثناء تدريب القوات الفلسطينية. ويشير البيان إلى أن الجيش الإسرائيلي "سيسلم تدريجيًا المناطق التي يحتلها في غزة". وستنسحب القوات الإسرائيلية في نهاية المطاف باستثناء وجود عسكري محدود في بعض المناطق.
وذكرت تقارير أن ترامب شعر بالإحباط من نتنياهو، وأعرب علنًا عن استيائه من العملية العسكرية الإسرائيلية في قطر في بداية هذا الشهر والتي استهدفت مفاوضي حركة حماس في الدوحة، حيث كانوا يناقشون اقتراحًا سابقًا من المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.
وقد جرى مناقشة هذا الاقتراح في اجتماع بالبيت الأبيض دعا إليه ترامب في أواخر أغسطس، بحضور جاريد كوشنر، المسئول عن السياسة الخارجية في الشرق الأوسط خلال فترة ولاية ترامب الأولى ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. ويشمل الاقتراح الحالي معظم بنود الاقتراح السابق، بالإضافة إلى عناصر جديدة، مثل وعد إسرائيلي بعدم احتلال أو ضم غزة، وعدم شن أي هجمات أخرى على قطر.