قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

هنري حمرا .. حاخام يهودي سوري عائد من نيويورك يترشح لبرلمان ما بعد الأسد

هنري حمرا
هنري حمرا

في مشهد غير مسبوق في تاريخ الحياة السياسية السورية الحديثة، ظهر اسم هنري حمرا، الحاخام السوري الأمريكي، كمرشح رسمي لانتخابات مجلس الشعب السوري، ليكون أول يهودي يتقدم لهذا المنصب منذ أكثر من نصف قرن.

حمرا، البالغ من العمر 48 عامًا، ليس شخصية عادية في ذاكرة السوريين؛ فهو نجل يوسف حمرا، آخر الحاخامات الكبار للجالية اليهودية السورية، ويمثل اليوم حلقة وصل نادرة بين ماض شبه منسي ومستقبل غامض يعاد رسمه في ظل متغيرات سياسية عميقة بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.

من بروكلين إلى البرلمان

ولد هنري حمرا في دمشق، لكنه غادرها صغيرًا مع عائلته عام 1992 بعد رفع الحظر عن سفر اليهود السوريين. نشأ في نيويورك بين أوساط الجالية السورية اليهودية، وتربى على إرث والده الديني والاجتماعي. ومع ذلك، لم تقطع علاقته بسوريا قط، بل ظل يحمل "حنينا وواجبا" تجاه وطنه الأم، كما يقول في تصريحاته. 

اليوم، يعود إلى دمشق لا كزائر، بل كسياسي طامح إلى تمثيل "سوريا الجديدة".

ترشيح رمزي... ورسالة سياسية

يحمل ترشح حمرا دلالة رمزية تتجاوز مجرد خوض سباق انتخابي. فهو يمثل عودة صوت يهودي إلى الحياة العامة في سوريا، بعد أن غابت الجالية اليهودية كليًا عن المشهد منذ السبعينيات، بفعل التوترات السياسية الإقليمية. 

ويأتي ترشحه في وقت حساس، حيث تسعى الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع إلى تقديم صورة أكثر شمولاً وتعددية للمجتمع السوري.

ويؤكد حمرا في برنامجه الانتخابي على ضرورة "تعزيز الهوية الوطنية الجامعة"، و"حماية التراث الثقافي والديني"، مشيرًا إلى أن سوريا بحاجة إلى "عقد اجتماعي جديد" يضمن العدالة والمساواة بين جميع مواطنيها، بصرف النظر عن الدين أو الطائفة.

لحظة رمزية: الشوفار في كنيس الفرنج

خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق، أثار حمرا تفاعلًا واسعًا بعد نشر فيديو يوثق لحظة نفخه لـ"الشوفار" – الأداة الطقسية اليهودية – داخل كنيس الفرنج العريق، وذلك لأول مرة منذ نحو ثلاثة عقود.. تزامنت الزيارة مع رأس السنة العبرية ويوم الغفران، وشكّلت مشهدًا مؤثرًا عن محاولة إحياء ذاكرة غائبة من تاريخ العاصمة.

قال حمرا حينها: "نحتاج إلى دعم الدولة لحماية تراثنا، تمامًا كما نعمل على ترميم كل مكونات الهوية السورية"، مشيرًا إلى خطط لتوثيق وترميم المواقع اليهودية المتضررة جراء الحرب، بالتنسيق مع السلطات السورية.

برنامج انتخابي عابر للطوائف

يركز حمرا في برنامجه على ستة محاور رئيسية، أبرزها:

تعزيز الانتماء الوطني من خلال مبادرات ثقافية وتعليمية تربط السوريين في الداخل والمهجر.

دعم إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية، مع تركيز خاص على الاستثمار السوري في الخارج.

ترسيخ صورة سوريا الجديدة القائمة على التعددية والتسامح.

حماية التراث الديني والثقافي بجميع أبعاده: الإسلامية، المسيحية، واليهودية.

دعم الجاليات السورية في الخارج وبناء جسور تواصل فعالة معها.

تعزيز العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية دون تمييز ديني أو طائفي.

رغم ضآلة الجالية اليهودية داخل سوريا حاليًا، فإن حمرا يصر على أنه لا يترشح بصفته الدينية فقط، بل بصفته "مواطنًا سوريًا يسعى للإصلاح والمشاركة في صناعة مستقبل جامع"، كما يقول.

معركة انتخابية رمزية أم واقعية؟

من غير الواضح حتى الآن ما إذا كان هنري حمرا يتمتع بفرص حقيقية للفوز، خصوصا في ظل نظام انتخابي لا يزال قيد التشكل بعد تغييرات سياسية كبرى شهدتها البلاد. لكن كثيرين يرون في ترشحه خطوة رمزية تحمل أبعادًا تتجاوز السياسة التقليدية، بل تمثل محاولة لرسم ملامح سوريا الجديدة – سوريا التعددية، المتصالحة مع ذاكرتها وهويتها المتنوعة.

صوت من الماضي في حاضر متغير

قد لا يحمل اسم هنري حمرا ثقلا انتخابيا بعد، لكن حضوره يفرض نفسه كرمز لتحول لافت. من كنيس الفرنج إلى قبة البرلمان، ومن شوارع بروكلين إلى أزقة دمشق القديمة، يقدم هذا الحاخام السوري الأمريكي رؤية مختلفة لسوريا الممكنة؛ دولة لا تُقصي أبناءها على أساس الدين، بل تستعيدهم في لحظة إعادة التكوين.

وقال "أنا لا أترشح كيهودي فقط، بل كسوري. ما يجمعنا كسوريين أكبر من أي طائفة أو مذهب. سوريا تتغير، وأنا جزء من هذا التغيير".