قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أزهر بودكاست يستكمل سلسلة حلقاته ويلقي الضوء على التاريخ الوطني المعاصر للأزهر الشريف

الجامع الأزهر
الجامع الأزهر

أطلقت منصة أزهر بودكاست - Azhar Podcast حلقة جديدة بعنوان: "الدور التاريخي والوطني للأزهر الشريف في العصر الحديث"، تلقي الضوء على الدور الوطني للأزهر الشريف في مجابهة الكثير من التحديات التي هددت أمن الوطن واستقلاله خلال القرنين الماضيين، بداية من الحملة الفرنسية، والاحتلال الإنجليزي، مرورا بالعدوان الثلاثي، ونكسة 67، وانتصار أكتوبر، ووصولا إلى الدور الوطني المشهود للأزهر الشريف حاليا في خدمة قضايا الأمة العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، يقدمها الدكتور أحمد الصاوي، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، تستضيف الدكتور عبدالحميد شلبي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الأزهر.

يقول الدكتور عبدالحميد شلبي، في بداية الحلقة، إن الأزهر شريف ـ جامعا وجامعة ـ له دور وطني مهم جدا على مدار تاريخه، حيث كان هو الملجأ والملاذ للمصريين في جميع الأزمات والمحن التي مرت بها مصر، وهو ما يؤكده دوره الوطني في كل الأحداث المعاصرة، متناولا الحملة الفرنسية وما سبقها من إرهاصات وما مثلته من تحديات، موضحا أن مصر قبيل الحملة الفرنسية كانت تتبع الدولة العثمانية، وكان يديرها المماليك، لافتا إلى أنها كانت تعاني الكثير من الضعف والمشكلات الداخلية، نتيجة مباشرة لتنازع المماليك على السلطة والانشغال بتجميع الضرائب، ما جعلها عرضة لأطماع أجنبية أدت في النهاية إلى وقوع مصر في براثن الاحتلال الفرنسي عام 1798.

ويوضح أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الأزهر أن الفرنسيين حين قدموا إلى مصر وجدوا الأرض ممهدة لهم، كنتيجة للفرق الكبير في الإمكانات والقدرات، وكان البطل الأزهري محمد كريم، هو من واجههم بالمقاومة الشعبية، بعد فرار المماليك، وكان الأزهر هو من تصدى بدعم شعبي للاحتلال بعد لجوء الشعب المصري إليه، ما دفع نابليون بونابرت، قائد الحملة الفرنسية، إلى التواصل المباشر مع علماء الأزهر بقيادة الشيخ عبدالله الشرقاوي، شيخ الأزهر حينها، والتفاوض معهم، إدراكا منه لقيمة الأزهر وتأثير علمائه، ووضع ضمانات كثيرة لهم بعدم الإضرار بالشعب، إلا أنه سرعان ما نقض عهده معهم، وبدأ في فرض الضرائب ووضع مزيد من الأعباء على الشعب، فلجأ الشعب حينها للأزهر، وكانت هذه هي البداية لثورة القاهرة الأولى، التي قادها علماء الأزهر ورجاله، والذين تصدوا بكل قوة للفرنسيين، ما دفعهم إلى نصب المدافع على المقطم وبدأو الضرب في الجامع الأزهر بالمدافع، بل وصل الأمر إلى دخولهم الجامع الأزهر بالخيول، في مشهد محزن، دنسوا فيه الأزهر الشريف ودهست خيولهم الكتب، وهدموا خزائن الطلاب، وعاثوا في المسجد فسادا، وسقط إثر ذلك عدد كبير من الشهداء من رجال الأزهر وعلمائه، ما أسهم في النهاية بهزيمة الاحتلال الفرنسي وزواله في العام 1801.

ويستكمل شلبي أنه ولأول مرة في تاريخ مصر، بعد خروج الحملة الفرنسية من مصر، يختار المصريون حاكمهم عن طريق علماء الأزهر، وكان ذلك باختيار محمد علي حاكما لمصر عام 1805، بعد أن تأكدوا من توافر كل الصفات التي تمكنه من إنقاذ مصر من أوضاعها الصعبة، وهو ما ثبت صحته لاحقا بعد أن تمكن محمد علي من إحداث تطور كبير في جميع جوانب الحياة في مصر، لافتا إلى أن دور الأزهر الوطني قد برز كذلك خلال الثورة العرابية، والتي قادها الأزهري أحمد عرابي، والتي قامت ضد التدخل الأجنبي في مصر، وتصدى شيوخ الأزهر وعلماؤه لمحاولات الخديوي توفيق لعزل عرابي، وحشدوا خلفه الظهير الشعبي الوطني الواعي لما يهدد مصر حينها من مخاطر وتهديدات حقيقية تعرضها للاحتلال والتدخل الأجنبي،, الذي حدث بالفعل بعد هزيمة عرابي.

ويتابع الدكتور عبدالحميد شلبي أن الأزهر حينما كان يتصدى للقضايا الوطنية، لم يكن يفرق بين مسلم ومسيحي، بل كان يتصدى للقضايا الوطنية لكل المصريين، وليس أدل من ذلك سوى ما شهدته ثورة 19 من وحدة وطنية جسدتها وقوف رجال الأزهر وقياداته بجوار إخوانهم من الأقباط وإمساكهم بيد بعضهم البعض، وكان هتاف "عاش الهلال مع الصليب"، أحد أشهر هتافاتها، بل ووقف القمص مرقص سرجيوس، خطيبا من على منبر الجامع الأزهر خلال ثورة 1919، وقال جملته الخالدة الشهيرة "إذا كان الاحتلال الفرنسي قد جاء لحماية الفرنسيين فليمت كل المسيحيين ولتبقى مصر حرة"، فكان الأزهر بذلك محافظا على هوية مصر ووحدتها الوطنية.

وحول دور الأزهر خلال الحرب العالمية الثانية، يوضح أستاذ التاريخ والحضارة أن الشيخ المراغي، شيخ الأزهر حينها، قاد حملة قوية لمنع مصر من الدخول في الحرب بعد مطالبة البريطانيين لها بالدخول في الحرب دعما لها، فقال الشيخ المراغي جملته الشهيرة: "إنها حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل"، وطالب بضرورة ابتعاد مصر عن هذه الحرب، مشيرا إلى أن الأزهر كان له دوره الوطني كذلك خلال ثورة 1952، حيث قدم الظهير الشعبي والغطاء للثورة وكان له دور مهم في نجاحها وتحقيق أهدافها، وقد برز ذلك في دوره بالتصدي لعدوان 1956 الذي جاء عقابا لمصر على نجاح ثورتها وتأميم قناة السويس، حيث قاد الشيخ عبدالرحمن تاج، شيخ الأزهر، مقاومة العدوان، وله صورة شهيرة مرتديا ملابسه الأزهرية مفترشا الأرض ويتمرن على التصويب وسط الجنود، كما أصدر الأزهر فتوى لجهاد العدو وصد العدوان.

ويضيف شلبي أن الدور الوطني الأهم للأزهر الشريف قد برز خلال هزيمة 1967، حيث قام دور الأزهر على محاور عدة، أولها المساندة المادية، حيث تبرع شيوخه وعلماؤه برواتبهم، وقام الشيخ حسن مأمون، شيخ الأزهر، بعمل صندوق للمجهود الحربي، وتولى مجمع البحوث الإسلامية تنظيم مؤتمرات متعددة توعوية ووطنية لتقديم الدعم المعنوي للجنود وخدمة المجهود الحربي وإعادة بناء الجبهة الداخلية، وكان للشيخ حسن المأمون والشيخ الفحام، مواقفهم المشهودة خلال هذه الفترة، حيث شاركوا الجنود في الصلاة وتدربوا معهم على الجبهة لدعمهم والرفع من روحهم المعنوية، ما كان له أثر عظيم في تخطي آثار الهزيمة والإعداد لاستعادة الأرض، وهو ما تحقق بداية من حرب الاستنزاف، التي كان للأزهر فيها دور حيوي في شحذ الهمم، ووصولا إلى انتصار أكتوبر 1973.

وحول دور الأزهر في انتصار أكتوبر، استطرد شلبي أن البداية كانت بالشيخ عبدالحليم محمود، شيخ الأزهر، والذي تولى مشيخة الأزهر في مارس 1973، حين التقى الرئيس السادات، وحكى له رؤيته الشهيرة، التي رأى فيها النبي "صلى الله عليه وسلم" ومعه جمع من العلماء وهو يعبر قناة السويس، فكانت بشارة بتحقق النصر، حيث قال له الشيخ عبدالحليم محمود: "إن كنت أخذت بالأسباب لبدء الحرب فهذه بشرى بالانتصار"، مضيفا أن فكرة بدء الحرب في شهر "رمضان" قد جاءت من الأزهر، كونه شهرا للصبر والصمود، وكذلك هتاف "الله أكبر" الذي حمس الجنود ودفعهم للانتصار، بالإضافة لمشاركة الكثير من أبناء الأزهر كضباط وجنود في الحرب أسهموا بكل وطنية وإخلاص في تحقيق هذا الانتصار العظيم.

ويتابع الدكتور عبدالحميد شلبي عن الدور الوطني للأزهر تجاه قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، موضحا أن الأزهر على مدار تاريخه، ومنذ بداية القضية الفلسطينية في النصف الأول من القرن الماضي، كان واعيا لما يحاك من مؤامرات تهدف للاستيلاء على أرض فلسطين، وأصدر بيانات أن أرض فلسطين للفلسطينيين، وكانت البداية الحقيقية بثورة البراق عام 1929، والتي دعت لحماية هذا المقدس الإسلامي، وخرج بعض علماء الأزهر وذهبوا إلى فلسطين وأثبتوا بالوثائق أن هذه أرض إسلامية، وأن المسجد الأقصى مسجد إسلامي ولا يمكن المساس به، مضيفا أن دور الأزهر تواصل في 1948، حيث أصدر الأزهر العديد من البيانات ودعا للجهاد، كما شارك الكثير من أبناء الأزهر في حرب 1948 كجزء من القوات المصرية التي شاركت فيها دفاعا عن الأراضي الفلسطينية.

ويختتم شلبي بالتأكيد على أن هذا الدور قد تواصل بكل قوة في عهد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، خاصة خلال العدوان الأخير على غزة، لافتا أن الأزهر منذ اليوم الأول قد أدرك خطورة ما يحدث في قطاع غزة، وقد أصدر الأزهر العديد من البيانات للتمسك بالأرض والدفاع عنها ورفض التهجير وغيرها من البيانات التي استشعرت خطورة ما يحدث، ومن ذلك أن شيخ الأزهر له جملة شهيرة "مهما طال الاحتلال فإنه إلى زوال"، في رسالة تؤكد أنه كان طوال العدوان رأس الحربة في فضح مخططاتهم، وأنه الأزهر لم ولن يتنازل عن دعمه الكامل للقضية الفلسطينية، ولقضايا الأمة العربية والإسلامية.