مع اقتراب لحظة الافتتاح المنتظرة، تتجه أنظار العالم إلى سفح الأهرامات، حيث يقف المتحف المصري الكبير شامخًا كأعظم مشروع ثقافي في القرن الحادي والعشرين، يجسّد عبقرية المصريين في صون تراثهم الحضاري وإعادة تقديمه للعالم بروحٍ معاصرة تجمع بين الأصالة والتجديد.
فهذا الصرح العملاق لا يُعدّ مجرد متحف، بل هو رسالة استثمار للتاريخ في خدمة المستقبل، وتحويل التراث إلى قوة ناعمة تدعم الاقتصاد الوطني وتعزّز مكانة مصر على خريطة السياحة العالمية.
ويضمّ المتحف آلاف القطع الأثرية النادرة، من بينها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون، التي تُعرض لأول مرة في مكان واحد منذ اكتشافها، إلى جانب كنوز أخرى تسرد رحلة المصري القديم عبر آلاف السنين من الإبداع والابتكار.
ولا تقتصر أهمية المتحف على كونه مشروعًا ثقافيًا ضخمًا، بل تمتد لتشمل أبعادًا اقتصادية وسياحية واستثمارية، إذ يمثل ركيزة رئيسية في خطة الدولة لتنشيط حركة السياحة وفتح آفاق جديدة أمام المستثمرين في قطاعات الضيافة والتسوّق والخدمات.
ومن المتوقع أن يُحدث الافتتاح المرتقب للمتحف طفرة نوعية في معدلات الإقبال على المقاصد السياحية المصرية، خاصة في المنطقة المحيطة بالأهرامات، بما ينعكس إيجابًا على الأسواق والبازارات السياحية ويعيد رسم خريطة السياحة الثقافية في مصر والعالم.
وقال مصطفى رسلان، عضو مجلس إدارة غرفة السلع والعاديات السياحية، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، إن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل حدثًا عالميًا ضخمًا يترقبه العاملون بالقطاع السياحي بكل حماس، مشيرًا إلى أن جميع المحال والبازارات السياحية استعدت جيدًا لاستقبال الأفواج السياحية تزامنًا مع هذا الافتتاح التاريخي.
وأوضح رسلان أن مصر والمنطقة العربية عمومًا تشهد حالة من الاستقرار السياسي والأمني بعد توقف الحروب في غزة وأوكرانيا، وهو ما يهيئ بيئة مثالية لاستقبال السياح وزيادة نسب الإشغال في الفنادق.
وأشار إلى أن هذا الحدث سيؤدي إلى انتعاش حركة المبيعات في محال السلع السياحية، حيث من المتوقع أن ترتفع معدلات الإنفاق السياحي بشكل ملحوظ، وهو ما سينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني.
وأضاف: “الإقبال المتوقع على شراء السلع السياحية من البازارات سيساهم في تنشيط الاقتصاد المصري من خلال زيادة تدفق العملة الصعبة إلى البلاد، خاصة أن عدد المحال المسجلة في الغرفة يتجاوز 20 ألف محل على مستوى الجمهورية، ما يجعل القطاع أحد الروافد المهمة للعملة الأجنبية”.
كما أوضح أن الغرفة عملت خلال الفترة الماضية على توفير مظلة حماية وتأمين لأصحاب المحال والعاملين، شملت التأمين الطبي والمساعدات في حالات الوفاة، إلى جانب برامج تدريبية مكثفة لتحسين جودة الخدمات والتعامل مع السائحين.
وقال: “قمنا بدورات تدريبية للعاملين في المحال السياحية ليكونوا مؤهلين لغويًا وسلوكيًا للتعامل مع الزائرين، لأن الكلمة الطيبة والابتسامة الصادقة هما أفضل دعاية لمصر، والشعب المصري معروف بكرمه وحسن ضيافته”.
واختتم رسلان تصريحاته بالتأكيد على أن الدولة تولي اهتمامًا كبيرًا بالبنية التحتية المؤدية إلى المتحف المصري الكبير، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك الآن بنية أساسية تضاهي كبرى دول العالم، ما يعزز مكانتها كوجهة سياحية عالمية متكاملة.