قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

قالوا عن المتحف المصري الكبير .. وزيرة التضامن في مقال لوكالة أنباء الشرق الأوسط

المتحف المصري الكبير
المتحف المصري الكبير

تتشوق الأعين وتنتظر القلوب - ليس في مصر فحسب، بل في أصقاع العالم أجمع - لحظة تدشين "المتحف المصري الكبير"، هذا الصرح العظيم الذي لا يمثل مجرد بناء، بل هو قامة حضارية تشق عنان السماء، وشاهد على أقدم وأبهى مجد إنساني معاصر ، وبنظرة مواطنة عاشقة، قبل أن تكون نظرة مسؤولة في محراب الوطن، أرى في هذا الافتتاح ميلادًا جديدًا للوعي، وانبعاثًا مهيبًا لـ"روح مصر" التي أبت على الزمن أن يُطفئ جذوتها.

إن هذا الكيان الشاهق ليس مجرد مستودع لكنوز"عبقرية الماضي"، بل هو مرآة تتجلى فيها قدرة المصري الحديث على أن يكون الوريث الأمين والامتداد الطبيعي لذاك التاريخ الخالد. هو إيمانٌ راسخ بأن الحضارة ليست صخورًا جامدة أو نقوشًا باهتة، بل هي نسقٌ متكامل من القيم السامية، والإنجازات المتدفقة، وروحٌ لا تعرف معنى الانكسار.
لقد تهادى إلينا العصر بوعيٍ مصريٍّ متجدد، زاد اعتزازًا بالهوية، وتأجج شغفًا بالجذور. فمن ذا الذي يستطيع أن ينسى مشهد "موكب المومياوات الملكية" المهيب؟ لقد كان احتفالًا جليلًا تَبِعَتْه ملايين العيون، وعانقتْه قلوبٌ فاضت بدموع الفخر والانبهار. ثم كان "طريق الكباش" الذي افتُتح ليؤكد أن الثقافة قادرة على أن تكون جسرًا ضوئيًا يربط ضفتي الماضي والمستقبل. لم يكن ذلك اهتمامًا عابرًا، بل تحولًا عميقًا في "وجدان المصري" الذي صار يُصغي بلهفة للأغاني الموشومة باللغة الهيروغليفية، ويتأمل الرموز والمعاني كمن يسترد خيطًا ضائعًا من نسيج ذاته العريقة. هذه الروح المتوثبة لا "تستعيد" ماضيها فحسب، بل "تُجدده" لتشيد به صرحًا لمستقبل أكثر إشراقًا وتألقًا .

في جوهره، يمثل افتتاح المتحف المصري الكبير تجسيدًا لرؤية الدولة المصرية العميقة في "بناء الإنسان"، وهي الرؤية التي وضعتها القيادة السياسية محورًا تدور حوله كل السياسات والبرامج. فالتنمية لا تقتصر على شق الطرق وتشييد البنى التحتية، بل تكمن في صقل وعي الإنسان، وإيقاظ قدرته على قراءة سفر تاريخه والتفاعل الحي مع حضارته.

وفي وزارة التضامن الاجتماعي، ندرك يقينًا أن الهوية الوطنية والوعي الثقافي هما "عمودا الخيمة" للحماية الاجتماعية المستدامة. فالمواطن الذي يستمد عزته من جذوره يكون الأكثر عطاءً، والأعمق إيمانًا بالصالح العام، والأشد استعدادًا للمشاركة الفاعلة في نهضة مجتمعه. لذا، فإننا نغزل خيوط الفنون والحرف التراثية لندمجها في نسيج التمكين الاقتصادي للأسر المنتجة، كي تظل "الثقافة" موردًا للرزق الكريم وتاجًا للكرامة الإنسانية في آنٍ واحد.

إن مصر التي تشيد هذا المتحف الفخم هي عينُها مصر التي ترفع بنيان الإنسان في كل ركن من أركانها: في قُرى الريف وضاءة المدن، في قاعات المدارس ومراكز التدريب، في شبكات الحماية الاجتماعية ومشاريع التمكين الاقتصادي. فالمتحف ليس مجرد مشروع ثقافي معزول، بل هو "رسالة بليغة" تُعلن للعالم أن "الحضارة المصرية" لم تتوقف يومًا عن النبض، وأن المصري، بأصالته، ما زال هو "صانع التاريخ" في كل العصور والأماكن.

نحن نترقب لحظة الافتتاح بـ"فخار العارفين" و"اعتزاز المستحقين"، لأنها لحظة تتسامى عن كونها مجرد حدث أثري إلى مرتبة "الشهادة الجديدة" على أن "روح مصر باقية لا تزول". ومثلما خلدت الأحجار أسماء بناة الأهرامات الأوائل، سيسجل التاريخ بأحرف من نور أن في هذا العصر "وُلِدَت مصر جديدة": قوية بهويتها الماسية، متصالحة مع عظمة ماضيها، وواثقة كالجبال في قادم مستقبلها.

ولعل الأجمل في هذا المشهد أن "الوعي الجديد" قد تحرر من قيود النخبة ليصبح جزءًا أصيلًا من "الـوجدان الجمعي" للشعب المصري. فالأم التي كانت تحكي لابنها أساطير الملوك والفراعنة، تصحبه اليوم ليرى بعينه آثار أجداده الخالدة، مغروسة فيه بذور حب الأرض وشموخ الهوية. لقد أصبح المتحف امتدادًا حيًا لهذه "الحكاية الطويلة" التي لم ينقطع حبلها أبدًا؛ حكاية "الإنسان المصري" الذي خط التاريخ بيديه، ويحفظه اليوم بين جنبيه.

إن "المتحف المصري الكبير" ليس فقط جدرانًا تعانق كنوز الأمس، بل هو مرآة عاكسة لـ"روح مصر" التي تُتقن فن ربط القديم بالجديد، ونسج خيوط المجد بالإصرار، وإشعال شعلة النهضة بالهوية. تلك هي مصر التي أُحب، والتي يمتلئ فؤادي فخرًا بالانتماء إليها؛ مصر التي تكتب حاضرها بعقلٍ مشع، وقلبٍ يدرك أن "الجذور هي سر البقاء والخلود".

وختامًا.. من جيلٍ إلى جيل، تظل مصر "الحكاية التي لا تعرف للنهاية سبيلاً"، رمزًا للعطاء الإنساني الخالد، وشاهدًا أبديًا على عظمة شعبٍ لا يعرف المستحيل.