يتداول المسلمون دوما الحديث عن مكانة سورة البقرة وفضائلها، لما ثبت في السنة من أثرها العظيم في طرد الشياطين والتحصين من السحر والحسد، حتى أصبحت من أكثر السور حرصًا على قراءتها داخل البيوت.
ومع انتشار التساؤلات حول كيفية الحصول على هذه البركة، اتجه الكثيرون لمعرفة هل يشترط قراءتها كاملة في جلسة واحدة، أم أن قراءتها على مراحل كافية لذلك.
وقد أوضح العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بفضل السورة كاملة، إضافةً إلى فضائل خاصة ببعض آياتها مثل آية الكرسي وخواتيم السورة، ومن الأحاديث الصحيحة المشهورة في هذا الباب حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة رواه مسلم برقم 780.
وبيّن أهل العلم أن الإمام النووي رحمه الله ذكر أن رواية الحديث وردت بلفظين ينفر ويفر، وكلا اللفظين صحيح، ويلتقيان في المعنى الذي يدل على أن الشياطين تبتعد عن البيت الذي تُتلى فيه هذه السورة المباركة.
كما ورد حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، يقول فيه إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة رواه مسلم برقم 804.
واشتهر عند العلماء تفسير البطلة بأنهم السحرة، أي أن السحرة لا يقدرون على معارضة أثرها أو إبطال ما فيها من خير.
هل يجب قرائتها من مرة واحدة لتحصيل فضلها
وتحدث العلماء عن مسألة قراءة السورة في جلسة واحدة أو بصوت مرتفع، فأوضحوا أن هذه الأمور ليست شرطًا لنيل فضلها، فلو قُرئت على مراحل، أو قُرئت بصوت منخفض، حصل الخير بإذن الله، إذ إن المقصود هو تحقق القراءة في البيت، سواء كانت من شخص واحد أو من أفراد عدة، وإن كان الأفضل أن تكون كاملة بصوت قارئ واحد.
أما فيما يخص الاكتفاء بتشغيل السورة من المسجل أو الإذاعة، فذكر العلماء أن قراءة التسجيل لا يُعتد بها في الحكم الشرعي للقراءة؛ لأن الصوت الصادر من الجهاز ليس قراءة حقيقية، بل هو استماع إلى قارئ سابق.
ولهذا قال أهل العلم إن صوت الشريط لا يصح أن يسمى قراءة، مثلما لا تُحتسب خطبة الجمعة أو الأذان من جهاز تسجيل.
ورغم ذلك، أوضح العلماء أن هناك رجاء في حصول نوع من الخير عند تشغيل السورة في البيوت إذا لم يكن فيها من يقرأ، وخاصة إذا وجد في المنزل من يستمع ويتدبر، وهو ما ذهب إليه الشيخ ابن باز رحمه الله، حيث قال إن الأظهر أن فرار الشيطان يحصل عند سماع السورة من المسجل أو الإذاعة، لكن هذا لا يعني امتناع رجوعه بعد انتهاء التشغيل.
وفي ختام أقوالهم أكد العلماء أن الشيطان قد يعود بعد الابتعاد، تمامًا كما يحدث في حالة الأذان، ولذلك نصحوا بالمداومة على قراءة القرآن، وكثرة ذكر الله، والمحافظة على التعوذ من الشيطان، لتظل البيوت محصنة بذكر الله وكتابه الكريم.

