ارتفاع ضغط الدم من أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا في العالم، إذ يمثل السبب الرئيسي لأمراض القلب والأوعية الدموية، ويتطور هذا المرض تدريجيًا دون أعراض واضحة، مما يجعله خطرًا صامتًا يهاجم الجسم مع مرور الوقت، وذلك وفقًا لما نشره موقع Webmd.
كيف يؤثر ارتفاع ضغط الدم على القلب
في كل نبضة يضخ القلب الدم عبر الشرايين مولدًا ضغطًا على جدرانها، وعندما يبقى هذا الضغط مرتفعًا، يضطر القلب إلى مضاعفة جهده لتوزيع الدم، ومع الوقت تتصلب عضلة القلب ويزداد سمكها، كما تتضرر بطانة الأوعية الدموية الداخلية مما يسمح بتراكم الدهون وتضييق الشرايين، ويؤدي هذا التفاعل المزدوج بين زيادة العبء على القلب وضعف مرونة الشرايين إلى تراجع كفاءة الجهاز القلبي الوعائي، ويقل توصيل الأكسجين إلى الأعضاء الحيوية، مما يضع الجسم في دائرة خطر دائمة.
مرض الشريان التاجي وتقييد تدفق الدم
مرض الشريان التاجي من أبرز مضاعفات ارتفاع ضغط الدم وأكثرها شيوعًا، حيث يؤدي الضغط المزمن إلى تلف الشرايين التي تغذي القلب بالدم، مما يسبب تراكم اللويحات الدهنية والكوليسترول وتصلب الشرايين، ومع ضيق الأوعية يقل تدفق الدم ويُحرم القلب من الأكسجين، فيشعر المريض بألم أو ضغط في الصدر عند بذل الجهد، وقد يمتد الألم إلى الذراع أو الفك، لذلك فإن الحفاظ على ضغط دم طبيعي يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بهذا المرض ومضاعفاته.
الذبحة الصدرية ونقص إمداد الأكسجين
عندما تضيق الشرايين التاجية بفعل ارتفاع الضغط، يصبح إمداد القلب بالأكسجين غير كافٍ أثناء النشاط البدني أو التوتر، مما يؤدي إلى الذبحة الصدرية المستقرة التي تظهر على شكل ألم يختفي مع الراحة، أما إذا تمزقت إحدى اللويحات داخل الشريان فقد تتكون جلطة مفاجئة تعيق تدفق الدم، مسببة الذبحة الصدرية غير المستقرة، وهي حالة طارئة تهدد الحياة وتحتاج إلى تدخل طبي فوري.
النوبة القلبية أو احتشاء عضلة القلب
يحدث احتشاء عضلة القلب عندما تسد جلطة دموية أحد الشرايين التاجية نتيجة تمزق لويحة دهنية، فيتوقف تدفق الدم عن جزء من عضلة القلب ويموت هذا الجزء خلال دقائق لغياب الأكسجين، ويساهم ارتفاع ضغط الدم في تسريع تكوّن هذه اللويحات وجعلها أكثر هشاشة، مما يزيد احتمال التمزق، وتشمل الأعراض ألمًا شديدًا في الصدر وضيقًا في التنفس وغثيانًا وتعرقًا باردًا، وتتطلب هذه الحالة علاجًا عاجلًا لاستعادة تدفق الدم وتقليل الضرر الدائم بالقلب.
تضخم البطين الأيسر
عندما يعمل القلب تحت ضغط مرتفع لفترة طويلة، يزداد سمك جدار البطين الأيسر الذي يعد الحجرة الأساسية لضخ الدم، وتُعرف هذه الحالة بتضخم البطين الأيسر، ومع مرور الوقت تصبح عضلة القلب متيبسة وتفقد قدرتها على الامتلاء الكامل بين النبضات، مما يضعف كفاءتها تدريجيًا، وقد يشعر المريض بالتعب وضيق التنفس وتورم الكاحلين، ويُعد اكتشاف الحالة في مراحلها المبكرة عبر فحص صدى القلب خطوة مهمة للوقاية من قصور القلب لاحقًا.
قصور القلب مع الحفاظ على كسر القذف
قد يبدو القلب في بعض الحالات أنه يضخ الدم بصورة طبيعية رغم إصابته بالضعف، كما في حالة قصور القلب مع الحفاظ على كسر القذف، إذ تكون حجرات القلب متيبسة فلا تمتلئ بالدم بشكل كافٍ رغم أن نسبة الضخ تبدو طبيعية، ويُعد ارتفاع ضغط الدم السبب الرئيسي لهذا النوع من القصور، وتتمثل أعراضه في ضيق التنفس وتورم القدمين والتعب العام، ويمكن السيطرة عليه من خلال ضبط الضغط، وتقليل الملح، وممارسة الرياضة بانتظام، مما يبطئ من تطور المرض ويحسن جودة الحياة.
عدم انتظام ضربات القلب والرجفان الأذيني
يسبب ارتفاع ضغط الدم المزمن تغيرات في بنية القلب وفي نشاطه الكهربائي، فتتضخم حجراته وتصبح أكثر عرضة للإشارات غير المنتظمة، مما يؤدي إلى اضطرابات في نظم القلب مثل الرجفان الأذيني، الذي يتميز بنبض سريع وغير منتظم يضعف تدفق الدم ويزيد خطر الجلطات والسكتة الدماغية، وتشمل الأعراض الخفقان والدوار والإرهاق، ويُعد التحكم في ضغط الدم خطوة أساسية للحد من هذه الاضطرابات والحفاظ على انتظام نبض القلب.
الذبحة الصدرية الدقيقة وأمراض الأوعية الصغيرة
لا يقتصر تأثير ارتفاع ضغط الدم على الشرايين الكبرى، بل يمتد إلى الأوعية الدقيقة داخل القلب، حيث يؤدي تصلبها إلى تقليل مرونتها وضعف قدرتها على تزويد القلب بالدم أثناء المجهود، وهذه الحالة تُعرف بالذبحة الصدرية الدقيقة، وتشيع أكثر لدى النساء، وتسبب ألمًا في الصدر وإرهاقًا وضيقًا في التنفس رغم أن الفحوصات قد تُظهر شرايين سليمة ظاهريًا، وتكمن الوقاية في ضبط الضغط والسيطرة على عوامل الخطر كالكوليسترول والسكري مع الحفاظ على النشاط البدني المنتظم.
طرق إدارة ارتفاع ضغط الدم لحماية القلب
لحماية القلب من آثار الضغط المرتفع، يُنصح بالمراقبة المنتظمة لمستويات ضغط الدم، واتباع نظام غذائي متوازن غني بالخضروات وقليل الملح، وممارسة النشاط البدني بانتظام، والالتزام بتناول الأدوية الموصوفة في مواعيدها، فهذه الخطوات البسيطة تُحدث فرقًا كبيرًا في الوقاية من أمراض القلب، وتحافظ على صحة الدورة الدموية، وتُطيل العمر بنشاط وحيوية.