زينت زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إلى تونس مؤخرًا ، صفحة جديدة في سياسة إيران التوسعية نحو شمال أفريقيا، بعد سلسلة خطوات دبلوماسية واقتصادية بدأت بإلغاء متبادل لمتطلبات التأشيرة في يونيو 2024، وزيارة تاريخية للرئيس التونسي إلى طهران في مايو 2024.
تتجلى أبعاد هذه الاستراتيجية الإيرانية في أربعة محاور رئيسية:
- البعد الأمني: تسعى إيران إلى توسيع تهديدها الأمني نحو المغرب، الذي تعتبره شريكًا لواشنطن وتل أبيب، كما يستفيد تحالف طهران مع الجزائر لتمديد نفوذها في مواجهة العواصم الإقليمية، وقد شملت ممارسات طهران دعمًا لحركات مثل البوليساريو، وتفتح لها إمكانات مستقبلية لزيادة تهديدها البحري والمتوسطي، خصوصًا إذا ما طورت وجودًا عسكريًا أو لوجستيًا في تونس قد يسهل النفاذ إلى ليبيا والبحر المتوسط.
- البعد السياسي: تعمل طهران على تقوية موطئ قدمها في المؤسسات الإفريقية لموازنة الدور الدبلوماسي الإسرائيلي في القارة، وتستثمر علاقاتها مع دول مثل الجزائر وتونس للحد من عزلتها الدولية وإظهار قدرتها على اختراق ما يعرف بـ«الجنوب العالمي».
- البعد الاقتصادي: على الرغم من ضآلة التبادل التجاري التاريخي بين تونس وإيران، فإن تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة في أبريل 2025 يعد مؤشرًا على رغبة طهران في استخدام تونس كقناة لتخفيف أثر العقوبات الغربية وفتح أسواق جديدة.
- البعد الديني: تسعى إيران عبر مؤسسات ثقافية ودينية (مثل «أهل البيت») إلى بناء روابط مع الطائفة الشيعية المحدودة في تونس، ما يمنحها نقاط اتصال اجتماعية وثقافية لتعزيز حضورها بغض النظر عن التحولات السياسية الداخلية.
وعليه، تحذر دراسة نشرها مركز الأمن القومي الإسرائيلي حديثا من استمرار هذا التمدد إذا لم تواجهه مبادرات دبلوماسية فعالة. ومن المقترحات العملية توحيد جهود دبلوماسية بين الولايات المتحدة ودول عربية معتدلة ودول أوروبية ذات مصلحة في استقرار شمال أفريقيا (مثل إيطاليا)، إلى جانب تنسيق أوسع مع المغرب الذي يلعب دورًا محوريًا في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.