يوم السبت الماضي كانت الفرحة المصرية بافتتاح المتحف الكبير على وشك الاكتمال بفوز منتخبنا الوطني لكرة اليد بكأس العالم تحت 17 عاما لولا أن المنتخب الألماني تعادل في النتيجة قبل سبع ثوان من نهاية المباراة ما استدعى لعب وقت إضافي انتهى بفوز الألمان بفارق هدف.. أهمية هذه البطولة التي أقيمت بالمغرب ترجع لكونها تقام لأول مرة لهذه المرحلة العمرية لكن قدر الله وماشاء فعل.
وعلى قدر أهمية البطولة التي ذكرناها فلم تكن هذه هي المرة الأولى التي يصعد فيها منتخب مصري في كرة اليد لمباراة نهائية....فقد سبق لمنتخبنا للشباب تحقيق كأس العالم في عام 1993 التي أقيمت بالقاهرة وسط حضور جماهيري غير مسبوق وكذلك في عام 2019 في مقدونيا فيما سبق للمنتخب الأول تحقيق المركز الرابع في بطولة العالم عام 2001 وكذلك المركز الرابع في أوليمبياد طوكيو 2020.
لا شك أن كرة اليد المصرية نجحت في خلق وتشكيل هوية خاصة بها على مستوى العالم لدرجة أن أوروبا معقل كرة اليد في العالم تصف المنتخب المصري بأنه " فريق هارب من القارة الأوروبية ".
"الحقيقة أن كرة اليد المصرية تدين بكثير من الولاء لمواطن مصري مخلص يدعى حسن مصطفى.....اللاعب السابق بالنادي الأهلي لم يكتف بموهبته الرياضية وسعى للسير قدماً في طريق العلم فدرس بالكلية الألمانية للتربية البدنية والرياضية في مدينة لايزبيج الألمانية إلى أن حصل على درجة الدكتوراه و عمل مدربا للأهلي ثم للمنتخب الوطني ومن ثم انتقل للعمل الإداري وترأس الاتحاد المصري لكرة اليد في الثمانينات والتسعينيات.. ووضع دكتور حسن خطة جريئة جدا لتطوير اللعبة كان أبرز ما فيها تدشين مشروع العمالقة بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم وهو ما فتح المجال أمام العديد من المواهب التي لم تكن لترى النور من ناحية ومن ناحية أخرى سهل لكثير من الأندية ومنها الأهلي والزمالك عملية انتقاء اللاعبين الصغار الأمر الذي أسهم بشكل كبير في تخريج أجيال متعاقبة وضعت مصر على خريطة كرة اليد العالمية بعد تسيدها للقارة الأفريقية على مستوى الأندية والمنتخبات منذ بداية تسعينيات القرن الماضي.....وكان من ضمن الخطة الجريئة اعتزال أي لاعب تعدى عمره 32 عاما ما لم يكن لاعبا في صفوف المنتخب الوطني وهو ما أثار جدلاً واسعاً في هذه الفترة وهوجم مصطفى كثيرا بسبب هذا القرار رغم أنه كان يهدف للحفاظ على استمرار حيوية ونشاط المنتخبات والأندية بالوصول إلى معدل سن مناسب وهو ما سار عليه الاتحاد المصري حتى هذه اللحظة.....
لم تتوقف طموحات الدكتور حسن مصطفى عند الحدود المحلية فانطلق بسرعة منذ أواخر التسعينات ليصبح عضوا باللجنة الفنية للاتحاد الدولي لكرة اليد ثم أصبح رئيساً له منذ عام 2000 ولا يزال حتى الآن....فأسهم بشكل مؤثر في انتشار اللعبة وزاد عدد الدول الأعضاء ليصل إلى 204 دولة....
تعددت الانتصارات المصرية بفضل اجتهاد هذا الرجل وطموحه اللامحدود وجذبت هذه الانتصارات أعداد كبيرة من الأطفال لممارسة اللعبة وهو ما أدى لتوسيع القاعدة في الوقت الذي ينشط فيه الآن أكثر من عشرين لاعبا مصريا بالخارج منهم عشرة يزينون دوري أبطال أوروبا في فرق مختلفة.....
يستطيع المشجع المصري أن يطمئن ويأمن حين يشارك أي منتخب مصري لكرة اليد في أي مرحلة عمرية فوق أي ارض وتحت أي سماء أن هذا المنتخب إن لم يحقق بطولة فهو سيقاتل من أجل الفوز .