قال الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، إن البداية الحقيقية لفهم الإنسان ودوره في الحياة تنطلق من قول الله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، وقوله سبحانه: {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها}، وقوله جل شأنه: {ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها}، موضحًا أن هذه الآيات الثلاث ترسم المقاصد الكبرى لوجود الإنسان وهي: العبادة، والعمران، والتزكية.
المقاصد الثلاثة للمنهج الإلهي لبناء الإنسان
وأضاف الدكتور عمرو الورداني، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأربعاء، أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان للعبادة، وطلب منه عمران الأرض، وأمره بتزكية النفس حتى يحقق الفلاح، مشيرًا إلى أن هذه المقاصد الثلاثة تمثل المنهج الإلهي لبناء الإنسان في أبعاده المتكاملة: الروحية، والعقلية، والنفسية.
وأوضح الدكتور عمرو الورداني أن في قوله تعالى {استعمركم فيها} دلالة لغوية دقيقة، إذ إن الألف والسين والتاء تدل على الطلب، أي أن الله طلب من الإنسان عمارة الأرض، وهو ما يجعل العمل والإصلاح جزءًا أصيلًا من العبادة لا منفصلًا عنها.
وأشار أمين الفتوى في دار الإفتاء إلى أن حديث جبريل عليه السلام، الذي يُعدّ "أمّ السنة"، يكشف العمق التربوي لهذه المقاصد، موضحًا أن ختام الحديث حين قال النبي ﷺ: “هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم”، يدل على أن الدين ليس مجرد أركان للعبادة، بل منهج لبناء الإنسان في مستوياته الثلاثة.
وبيّن أمين الفتوى في دار الإفتاء أن الإيمان يربّي الفكر والعقل على الفهم والمعرفة والتحقق، وهنا يظهر مقصد العبادة، بينما الإسلام يربّي حركة الجوارح على الانضباط والطاعة، وهنا يتجلى مقصد العمران، أما الإحسان فيربّي الوجدان على الجمال واللطف والمحبة، وهنا يتحقق مقصد التزكية.
وأكد أمين الفتوى في دار الإفتاء أن تداخل هذه الأبعاد الثلاثة – العبادة والعمران والتزكية – يصنع ما يُسميه "البناء الإلهي للإنسان الحضاري"، وهو النموذج الذي يحقق مراد الله من الإنسان: أن يكون عابدًا في روحه، عاملًا في أرضه، راقيًا في وجدانه، فيسهم في إعمار الأرض بروح العبادة وجمال التزكية.



