فتاوى
حكم لصق أوراق الأذكار في الأماكن العامة
هل نسيان أو ترك سجود السهو في الصلاة يبطلها ؟
هل تجب الطهارة أو الوضوء قبل ترديد الأذكار؟
نشر موقع صدى البلد خلال الساعات الماضية عددا من الفتاوى والأحكام التى تشغل أذهان كثير من الناس نستعرض أبرزها فى التقرير التالى.
حكم لصق أوراق الأذكار في الأماكن العامة
ورد الى دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم لصق أوراق الأذكار في الأماكن العامة؟ فقد اقترح عليَّ بعض الأصدقاء القيام بطباعة ملصقات للأذكار لتعليقها في بعض الأماكن العامة حيث يكثر وجود الناس فيها؛ تذكيرًا لهم بذكر الله عز وجل، فاعترض علينا أحد الأشخاص بحجة أن في ذلك امتهانًا لاسم الله تعالى.
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: يجوز وضع ملصقات الأذكار في الأماكن العامة، إذا تحقق فيه الحفظ اللائق لكلِّ ما فيه اسم الله تعالى، والتنسيق مع الجهات المختصة المسؤولة عن تلك الأماكن، ومراعاة القوانين واللوائح المنظِّمة للأماكن العامة، فإذا لم يتحقق ذلك فلا يجوز تعليقها حينئذ.
ولا تجوز مخالفة أحد الأمور سالفة الذكر بحجة أن وضع الملصقات فيه دعوة إلى الله بتذكير للناس بما تحويه من أذكار؛ إذ ليس هذا متعينًا بهذه الوسيلة، فضلًا عن وجود وسائل متعددة لا يُخشى معها امتهان شيء مما كتبت عليه الأذكار، أو التعدي على اختصاص بعض الجهات، أو الإخلال بما تقتضيه اللوائح والقوانين.
وأوضحت أن وضع ملصقات الأذكار في الأماكن العامة، كالحدائق، والأندية، والطرق، والممرات، والمجمعات التجارية، والفنادق، والمطاعم، والمتاحف، والمنشآت الطبية والتعليمية، ووسائل النقل المختلفة، والأسواق ونحو ذلك، لا بد فيه من مراعاة الأمور الآتية:
أولًا: ضرورة الحفظ اللائق لكلِّ ما فيه اسم الله تعالى من مصحف، أو كتاب، أو ورق، ونحو ذلك؛ لما قد تتعرض إليه هذه الآيات أو الأذكار الملصقة على الجدران مثلًا مما لا يليق بها، إما بسقوطها، أو إتلافها، أو بتعرضها للأوساخ والأتربة، أو العبث بها من قِبل من لا يعرف قيمتها، أو غير ذلك مما يجعلها عرضة للامتهان، مما يؤدي لعدم حسن التعامل معها ولو بدون قصد، وهو المعنى الذي من أجله حكم الفقهاء بكراهة كتابة قرآن أو ذكر على موضِع يصير فيه المكتوب عرضةً للامتهان، بل وحرمته، وهذا يوضحه ما رواه أبو عُبَيْد القاسم بن سلّام في "فضائل القرآن" (ص: 121، ط. دار ابن كثير) وابن بطة في "الإبانة" (5/ 325، ط. دار الراية) والمستغفري في "فضائل القرآن" (1/ 200) عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه قال: "لا تكتبوا القرآنَ حيثُ يُوطَأُ"، وبوَّب له الحافظ المستغفري بقوله: "باب ما جاء في النهي عن كتابة القرآن على الأرض أو على شيء يُوطَأ؛ تعظيمًا له".
قال العلامة الشيخ الضباع في رسالته "فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن": [ولا يجوز كتبه على الأرض، ولا على بساط ونحوه مما يُوطَأُ بالأقدام] اهـ.
وينظر: "فتح القدير" للإمام كمال الدين ابن الهُمَام (1/ 169، ط. دار الفكر)، و"البحر الرائق" للإمام زين الدين ابن نُجَيْم (2/ 40، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"الشرح الكبير" للإمام أبي البَرَكَات الدَّرْدير -في بيان كراهة الكتابة على كلِّ موضِعٍ يُتَوقَّعُ فيه إهانةُ المكتوبِ بوطئه بالأقدام ونحو ذلك- (1/ 425، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للإمام النَّوَوِي الشافعي (2/ 70، ط. دار الفكر)، و"الفروع" للإمام ابن مُفلِحٍ -في بيان كراهة الكتابة على الدراهم وما قد يُنْثَرُ فَيُمْتَهَن- (6/ 317، ط. مؤسسة الرسالة).
فإذا انتفت هذه المعاني زالت الكراهة، فكتابة آيات القرآن على القبر مثلا ليست حرامًا في المعتمد عند الشافعية، وقد عللوا ذلك بإمكان تلافي المحاذير التي تؤدي إلى الامتهان.
قال العلامة الشمس الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج" (3/ 34): [وما ذكره الأذرعي من أن القياسَ تحريمُ كتابة القرآن على القبر؛ لتعرضِه للدوس عليه والنجاسِة والتلويثِ بصديد الموتى عند تكرار النبش في المقبرة المسبلة: مردود بإطلاقهم، لاسيما والمحذورُ غيرُ محقَّق] اهـ.
ويدل عليه ما رُوِيَ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى -حكايةً عن زكريَّا على نبينا وعليه الصلاة والسلام-: ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: 11]، قال: "كتب لهم على الأرض: أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا"، نقله عنه الآلوسي في "روح المعاني" (8/ 391)، ثم قال: [وهو الرواية الأخرى عن مجاهد، لكن بلفظ: "على التراب"، بدل "على الأرض"] اهـ.
ثانيًا: التنسيق مع الجهات المختصة المسؤولة التي تخضع لها تلك الأماكن في إدارتها والإشراف عليها؛ إذ لا بد من علمها واستئذانها في وضع تلك الملصقات، وإلا كان هذا تعديًا على اختصاص تلك الجهات.
ثالثًا: مراعاة ما تقتضيه القوانين واللوائح المنظِّمة لبعض تلك الأماكن العامة، والتي من شأنها الحفاظ على المظهر الحضاري والجمالي لها؛ حيث إن عدم التمسك بتلك القوانين واللوائح يعد مخلًّا ومخالفًا للنظام العام، فضلًا عما قد يحدثه من تشويه لحوائط تلك الأماكن.
فإذا تحققت تلك الأمور، وانتفت المحاذير المذكورة، جاز تعليق ملصقات الأذكار في الأماكن العامة؛ إرشادًا للناس إلى ما فيه الخير والنفع لهم.
ولا تجوز مخالفة أحد الأمور سالفة الذكر بحجة أن وضع الملصقات فيه دعوة إلى الله بتذكير للناس بما تحويه من أذكار؛ إذ ليس هذا متعينًا بهذه الوسيلة، فضلًا عن وجود وسائل متعددة لا يُخشى معها امتهان شيء مما كتبت عليه الأذكار، أو التعدي على اختصاص بعض الجهات، أو الإخلال بما تقتضيه اللوائح والقوانين.
وأكدت بناء على ذلك انه يجوز وضع ملصقات الأذكار في الأماكن العامة، إذا تحقق فيه الحفظ اللائق لكلِّ ما فيه اسم الله تعالى، والتنسيق مع الجهات المختصة المسؤولة عن تلك الأماكن، ومراعاة القوانين واللوائح المنظِّمة للأماكن العامة، فإذا لم يتحقق ذلك فلا يجوز تعليقها حينئذ.
هل نسيان أو ترك سجود السهو في الصلاة يبطلها ؟
قال الشيخ محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن السهو الذي يقع في الصلاة تتنوع أحكامه، فبعض صور السهو يكفي فيها سجود السهو وحده، بينما توجد حالات أخرى لا يجبرها السجود فقط وتحتاج إلى استكمال ما نقص من أركان الصلاة.
وأوضح أن من أمثلة ذلك نسيان ركعة كاملة، فهذه لا يكفي فيها السجود للسهو، بل يجب على المصلي تعويض الركعة المفقودة ثم الإتيان بسجود السهو قبل التسليم أو بعده وفق ما هو جائز في المسألة.
وأشار إلى أن ترك التشهد الأوسط يعد من السنن التي يجبرها سجود السهو وحده، ولا تستدعي إضافة ركعة جديدة لأن هذا النوع من السهو لا يتعلق بركن من أركان الصلاة.
كما أكد أن من غفل عن أداء سجود السهو فإن صلاته تبقى صحيحة لأنه من السنن وليس من الأركان الواجبة، وبالتالي لا تبطل الصلاة بتركه.
متى نسجد للسهو
أوضحت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية حكم من نسي سجدة من السجدتين الواجبتين في الصلاة ثم تذكر بعد انتهائها، مبينة أنه إذا كان زمن التذكر قريبا من وقت الفراغ من الصلاة فعلى المصلي أن يأتي بركعة كاملة ثم يسلم، أما إذا طال الفصل فعليه إعادة الصلاة كاملة لأنها لا تُجبر في هذه الحالة.
وفيما يخص سجود السهو بينت اللجنة أنه سنة مؤكدة شرعها الشرع الشريف لجبر الخلل الذي يحدث في الصلاة سواء كان زيادة أو نقصا، وأن صورته أن يسجد المصلي سجدتين قبل السلام أو بعده.
واستشهدت بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي أرشد فيه إلى طرح الشك والبناء على اليقين ثم السجود للسهو، كما ذكرت قصة ذي اليدين الواردة في الصحيحين والتي سجد فيها النبي صلى الله عليه وسلم بعد السلام.
حالات يشرع فيها سجود السهو
وقد حددت اللجنة خمس حالات يشرع فيها سجود السهو وهي إذا سلم المصلي قبل إتمام صلاته، أو حصلت منه زيادة في الصلاة، أو نسي التشهد الأول، أو نسي سنة من سنن الصلاة، أو وقع في شك حول عدد الركعات فيجعل الأقل هو المعتمد ويسجد للسهو.
وتطرقت إلى مسألة موضع سجود السهو وهل يكون قبل السلام أو بعده، مؤكدة أنه لا خلاف بين الفقهاء في جواز الأمرين، لكنهم يختلفون في الأفضل والمسنون.
فالإمام أبو حنيفة يرى أن الأولى أن يكون السجود بعد السلام عند الزيادة والنقصان، بينما يرى الإمام مالك أن السجود قبل السلام هو الأفضل عند النقص وبعد السلام هو الأفضل عند الزيادة، أما الإمام الشافعي فيرى أن السجود قبل السلام هو الأولى في الحالتين معا، في حين يجيز الحنابلة للمصلي الاختيار بين الأمرين.
كما أشارت إلى ما ذكره الإمام ابن قدامة عند حديثه عن مواضع السجود وفق مذهب الإمام أحمد بن حنبل، حيث بيّن أن الأصل أن يكون سجود السهو قبل السلام باستثناء موضعين ورد فيهما النص بالسجود بعد السلام وهما إذا سلم المصلي قبل تمام الصلاة أو إذا اجتهد الإمام فبنى على غالب ظنه، وما سوى ذلك فالسجود فيه يكون قبل السلام حسب ما نص عليه الإمام أحمد في رواية الأثرم.
هل تجب الطهارة أو الوضوء قبل ترديد الأذكار؟
أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن أحد الأسئلة التي عُرضت عليه خلال البث المباشر لصفحة دار الإفتاء على منصة “فيسبوك”، موضحا أن ذكر الله لا يتطلب طهارة أو وضوءا، إذ روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله في جميع أحواله، ما يدل على عدم اشتراط الوضوء لمن أراد الذكر.
في سياق متصل، تناول الدكتور مجدي عاشور، المستشار السابق لمفتي الجمهورية، توضيحا لحكم الوضوء قبل الذكر والتسبيح، مبينا أن الوضوء يرتبط بقراءة القرآن الكريم والصلاة، أما الأذكار فلا يُشترط لها وضوء محدد، وإن اختار الإنسان الوضوء قبلها فله ثواب إضافي.
وأكد أن الذكر لا يتطلب طهارة خاصة، غير أن المحافظة على الوضوء مطلوبة لما فيه من فضل، وكونه يقي من الشر والحسد ويبعد الشيطان، مع الإشارة إلى أن الذكر جائز في جميع الأحوال إلا حال الجنابة، وهو ما كان عليه هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
على جانب آخر، أوضح الدكتور محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الجنب يجوز له الذكر والاستغفار، مستشهدا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان دائم الذكر في كل حالاته، مؤكدا أن الذكر يمنح القلب طمأنينة ويجعل اللسان معتادا على دوام الاستغفار والتسبيح.
هل يصح التسبيح والذكر لمن كان على جنابة؟
وفيما يتعلق بجواز الذكر حال الجنابة، تلقت دار الإفتاء سؤالا نصه: “هل يصح التسبيح والذكر لمن كان على جنابة؟”، فأكدت في فتوى صريحة أن الأمر القرآني بالذكر جاء مطلقا، ما يدل على جوازه في كل الحالات، واستشهدت بآيات من سورتي الأحزاب وآل عمران التي تتحدث عن ذكر الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم، كما أوردت حديث السيدة عائشة رضي الله عنها الذي يثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يذكر الله في جميع أحواله.
ونقلت الدار ما ذكره الإمام النووي في كتاب الأذكار من إجماع العلماء على جواز الذكر للمحدث والجنب والحائض والنفساء في مختلف الصيغ من تسبيح وتهليل وصلاة على النبي ودعاء.



