لاشك أنه ينبغي على كل عاقل أن يتجنب كل سبب لدخول النار من معاصي وسيئات ، وهو ليس بالأمر السهل خاصة أن الحياة الدنيا هي دار الفتن والبلاء ، ومداخل الشيطان كثيرة ، والطرق مليئة بأسباب الذنوب ، لذا ينبغي الحذر أشد الحذر من أي وكل سبب لدخول النار ، أعاذنا الله وإياكم من حرّها ولهيبها.
سبب لدخول النار
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه فيما أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه حذّرنا من ثلاثة أفعال مع القطط والكلاب وأي حيوان ، مشيرًا إلى أن الوقوع بأحدها يعد سببًا كافيًا لدخول النار يوم القيامة.
وأوضحت «الإفتاء » عن ثلاثة أفعال مع القطط والكلاب هي سبب لدخول النار ، أنه أخبر المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أنَّ تعذيب الحيوان وسوء معاملته، أو منعه عن الطعام والشراب حتى يموت، سبب لدخول النار ؛ فقال -صلى الله عليه وسلم- : «عُذِّبَتِ امرأةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتها حتى ماتَت فدَخَلَت فيها النَّارَ؛ لا هي أَطعَمَتها ولا سَقَتها إذ حَبَسَتها، ولا هي تَرَكَتها تَأكُلُ مِن خَشاشِ الأَرضِ». (متفق عليه).
وأضافت أننا تعلمنا من نبينا -صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا يعنِّف أحدًا ولا يضرب أحدًا على شيءٍ حدث منه إذا كان يمس حقوقه هو الخاصة به؛ فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَادِمًا لَهُ قَطُّ وَلَا امْرَأَةً لَهُ قَطُّ، وَلَا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ، إِلا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". فرسول الله كان يتسامح فيما يخصه، ولكن إذا انتهكت محارم الله، فإنه لا يرضى بذلك، ولا يقرُّ أحدًا على ما يغضب الله عز وجل.
وأشارت إلى أنه كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرحم الخلق بالخلق، وأكثر الناس رفقًا ورحمة بالحيوان، فعن عبدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قال: كُنَّا مع رسولِ اللهِ في سَفَرٍ، فانطَلَقَ لحاجَتِه، فرأينا حُمَّرةً - طائر صغير كالعصفور- معها فَرخانِ، فأَخَذنا فَرخَيها، فجاءَتِ الحُمَّرةُ فجَعَلَت تُعَرِّشُ -ترتفع وتظلِّلَ بجناحَيْها-، فجاءَ النبيُّ فقال: «مَن فَجَعَ هذه بوَلَدِها؟ رُدُّوا وَلَدَها إليها». (رواه أبو داود).
حقوق الحيوان في الإسلام
شمل الإسلام كل دقائق الحياة، ونظم علاقة البشر بخالقهم وبين بعضهم وبين كافة خلق الله، وإن أول ما أعلنته مبادئ شريعتنا الإسلامية في مجال الرفق بالحيوان، تقرير أن عالم الحيوان كعالم الإنسان له خصائصه، وطبائعه، وشعوره.
و قال -تعالى-:(وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ وَلا طائِرٍ يَطيرُ بِجَناحَيهِ إِلّا أُمَمٌ أَمثالُكُم)، فللحيوانات في الإسلام كامل الحقوق؛ من حق الرفق، والرحمة، والحياة مثل ما أن هذه الحقوق ممنوحة للإنسان.
وقال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمنُ تبارك وتعالى ارحَموا مَن في الأرضِ يَرحَمْكم مَن في السَّماءِ)، وقد منح الإسلام الحيوانات حق الحياة، وهدد كل من يقوم بقتلها لغير الحاجة أو تشويهها، ومنها : النهي عن قتل الحيوانات بغير حاجة.
و قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (ما من إنسانٍ يَقْتُلُ عُصْفُورًا فما فَوْقَها بغيرِ حَقِّها، إلَّا سَأَلهُ اللهُ عَنْها يومَ القيامةِ)، والنهي عن كافة أشكال تعذيب الحيوانات، ومن أشكال التعذيب الكي؛ وهو وسم الحيوان في وجهه بالنار، والنهي عن ضرب الحيوان في الوجه.
وقال رسول الله -عليه السلام-: (أمَا بَلَغَكُمْ أنِّي لَعنْتُ مَن وسَمَ البَهيمةَ في وجْهِها، أوْ ضَرَبَها في وجْهِها)، كما نهى الإسلام عن المُثلة بالحيوان، والمثلة؛ هي قَطَعَ بعضَ أجزاء الحيوان كالأُذنِ والأَنفِ وغيرِها.
وروى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال :(لعَنَ اللهُ مَنْ مَثَّلَ الحيوانَ). في هذه الفقرة توضح لنا أن للحيوانات حق في الحياة، وأن الإسلام نهى عن كافة أنواع تعذيب الحيوانات؛ مثل الكي والضرب مع ضرب الأمثلة على ذلك من السنة النبوية.
شرع الإسلام مبدأ الرفق بصورة عامة في جميع شؤون الحياة، وجعل منه سمة تميز المؤمن، وعنصراً يُقوي الإيمان، وفضيلة تزين العمل، وقد روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ اللهَ رفيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ ويُعطي على الرِّفقِ ما لا يُعطي على العنفِ)، وحق الرعاية الصحية للحيوان حقُ ثابت في الإسلام.
وورد من مظاهر عناية الإسلام بهذا الحق ، التفريق بين الحيوان السقيم والسليم، وذلك لنهي النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تختلط الحيوانات المريضة مع الحيوانات السليمة، فقد جاء في الحديث: (لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ).
حق الحيوان في الحصول على كفايته من الطعام الشراب، وقد روي عن سهل ابن الحنظلية الأنصاري أنه قال: (مَرَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ببعيرٍ قد لَحِقَ ظَهرُه ببطنِه، فقال: اتَّقوا اللهَ في هذه البهائمِ المُعجَمةِ، فاركَبوها صالحةً، وكُلوها صالحةً)، أي؛ أن الجمل من شدة جوعه أصبح هزيلاً، حق الحيوان في الحصول على العلاج إذا مرض.
راعى النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحة النفسية للحيوان؛ إذ أنه يشعر ويتألم كالبشر، وكان عليه الصلاة والسلام يشعر بالحيوانات ويحزن عليها إذا ما ظُلِمت من أصحابها.
روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال:(كنا مع رسولِ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- في سفرٍ، فانطلقَ لحاجتِه فرأينا حُمرةً معها فرخانِ فَأخذنا فَرْخَيْهَا، فجاءتِ الحمرةُ فجعلتْ تفْرِشُ، فجاء النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فقال: منْ فجع هذه بِولدِهَا رُدُّوا وَلَدَهَا إليها)، والحمرة؛ هي طائر يشبه العصفور.
روى عبد الله بن جعفر -رضي الله عنهما-، أن النبي -عليه الصلاة والسلام-: (دخلَ حائطًا لرَجُلٍ مِن الأنصارِ فإذا جَملٌ، فلَمَّا رأى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ حنَّ وذرِفَت عيناهُ، فأتاهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فمَسحَ ذِفراهُ فسَكَتَ، فقالَ: مَن ربُّ هذا الجَمَلِ، لمن هذا الجمَلُ؟ فَجاءَ فتًى منَ الأنصارِ فَقالَ: لي يا رسولَ اللَّهِ فَقالَ: أفلا تتَّقي اللَّهَ في هذِهِ البَهيمةِ الَّتي ملَّكَكَ اللَّهُ إيَّاها؟ فإنَّهُ شَكا إليَّ أنَّكَ تُجيعُهُ وتُدئبُهُ).
توضح هذه الفقرة أن الإسلام أعطى أهمية بالغة للحيوان؛ ومن ذلك منحه حق العناية الصحية من مأكل، ومشرب، ودواء، وتم بيان الأمثلة على ذلك من السنة النبوية.
حق الإيواء يجب على المسلم إيواء الحيوان الذي يمتلكه في مكانٍ مناسب له، ويعد حق الإيواء من الحقوق التي منحها الإسلام للحيوانات، ويندرج تحت هذا الحق، تخصيص المحميات الطبيعية للحيوانات والتي يمنع فيها الرعي والصيد، وهذه مسؤولية الدولة الإسلامية ويقوم بها وليُّ الأمر.
وكانت هذه المحميات مخصصة لرعاية الخيل والإبل المخصَّصة للجهاد، وماشية الجزية، والصدقة، والزكاة، وحيوانات ضعفاء وفقراء المسلمين، والحيوانات الضالَّة التي تحفظها الدولة حتى يعثر أصحابها عليها.
وقد عرفت المحميات الطبيعية المخصصة للحيوانات باسم الحمى ومن الأمثلة على المحميات التي كانت في الإسلام: ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حمى النَّقيعَ لخيلِ المسلِمينَ).
وروي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: (أن عمرَ رضي اللَّهُ تعالى عنهُ حمَى الرَّبَذَةَ لنَعَمِ الصَّدقةِ). هذا العنوان يوضح أن الإسلام أولى العناية بتهيئة مكان مناسب للحيوانات لتمكث فيه، وهو فيما عُرف بعد ذلك بالمحميات الخاصة بالحيوانات. حق جودة السلالة حفظ الإسلام للحيوان جودة نسله، وفي ذلك حماية للحيوان من الانقراض.
و قال -تعالى-: (حَتّى إِذا جاءَ أَمرُنا وَفارَ التَّنّورُ قُلنَا احمِل فيها مِن كُلٍّ زَوجَينِ اثنَينِ وَأَهلَكَ إِلّا مَن سَبَقَ عَلَيهِ القَولُ وَمَن آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلّا قَليلٌ)، ففي هذه الآية إشارة إلى أهمية استمرار دورة حياة الحيوانات دون انقراضها أو انقطاع نسلها.
وفيما يخص بجودة السلالة؛ فقد نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- إنزاء الحمار على الفرس؛ أي أن تتزاوج ذكور الحمير مع إناث الخيول لِتلِدَ البغال، فقد روي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه



