قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

لماذا اختصمت ملائكة الرحمة والعذاب على ميت؟.. لهذا السبب

اختصمت الملائكة على ميت
اختصمت الملائكة على ميت

السؤال عن لماذا اختصمت ملائكة الرحمة والعذاب على ميت ؟يثير الفضول حول ما ورد بالأثر من أن ملائكة الرحمة والعذاب اختصمت على ميت ، والذي يعد من أكثر الأمور المثيرة للحيرة والانتباه في الوقت ذاته، ليس فقط لأن خصومة ملائكة الرحمة مع ملائكة العذاب من الأمور غير المقبولة، ولكن كذلك لأنها اختصمت على ميت ، بما يطرح الاستفهام عن السبب لماذا اختصمت ملائكة الرحمة والعذاب على ميت  ؟ ، ومن هذا الميت الذي اختصمت فيه؟.

لماذا اختصمت ملائكة الرحمة والعذاب على ميت

قال الدكتور علي جمعة ، مُفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه أوردت لنا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- من القصص التي تؤكد على فضل الله سبحانه وتعالى الواسع في قبول التائبين إليه.

وأضاف «جمعة »، أن من بينها أن ملائكة الرحمة والعذاب اختصمت على ميت أخلص النية بالتوبة لكنه توفي قبل أن يعمل بها، وقبل أن يصل إلى الأرض التي من المقرر أن تعينه على الطاعة والتوبة.

من الميت الذي اختصمت عليه الملائكة 

واستشهد بما جاء عن أبي سعيد الخدري أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم الأرض فدل على راهب ، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة؟ قال: لا. فقتله ، فكمل به مائة. ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم ، فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم ، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا ، فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله. وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط. فقالوا: قيسوا ما بين الأرضين ، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له ، فأوحي الله إلى هذه أن تقربي وأوحي الله إلى هذه أن تباعدي; فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة» (صحيح البخاري ، ومسلم).

وأوضح أن هذه القصة أصل عظيم في الدلالة على قبول التوبة من المذنب ، وإن تفاحش ذنبه وتعاظم إثمه ، طالما صلحت سريرته ووافقتها علانيته. وقد نطقت بذلك آيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم .

ودلل بما قال الله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53] ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «والذي نفسي بيده لو لم تذنبو ذهب الله بكم ، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم» (صحيح مسلم).

دروس من قصة الميت الذي اختصمت عليه الملائكة

ونوه بأنه تدل قصة هذا الرجل على سعة رحمة الله تعالى وأنها تغلب غضبه ، أن صدق العبد في التوجه إلى الله يمنحه ، فوق قبول الله له، توفيقا وهداية إلى الطريق المستقيم.

ولفت إلى ما ورد في الحديث من تقريب أرض التوبة يشعر بأن الله لا يقبل التوبة عن عباده فحسب ، بل يزيدهم فوق القبول من فضله ، وإن كانت الرحمة من الله واسعة كما أرادها رب العزة فمن الخذلان أن يضيق أحد من الناس ما وسعة الله لفساد في عقله وسوء في فكره ، وهذا ما أشارت إليه القصة.

وأشار إلى أنه يستفاد من هذه القصة أيضا فضل العلم على العبادة ، وذلك لأن إنقاذ هذا الرجل التائب من الهلكة ودلالته على طريق الحق كانت على يد العالم ، في حين أن العاكف على العبادة قد ضل عن وجه الصواب فعرض نفسه للهلاك بجهله .

وأردف: وكاد العبد التائب أن يقنط بسببه من رحمة الله; ولهذا فإن من أهم فوائد تلك القصة ضرورة التحري عمن يستفتيهم الإنسان في أمر دينه حتى لا يضل ، فعن محمد بن سيرين قال: «إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم».

وواصل: وهو ما يمكن أن نسميه الفرق بين الدين كعلم ، وهذا شأن العلماء ، وبين التدين كسلوك شخصي ، وهذا قد يجيده غير العلماء ، ولكنه يظل خاصا بصاحبه، وفي إشارة العالم على العابد التائب بمفارقة أرضه والتحويل إلى أخرى فيها رجال صالحون ليعبد الله معهم .

وتابع: فيها ما فيها ما يفيد أن من كمال التوبة مفارقة مواطن المعصية وأصدقاء السوء ، ليكون في مأمن من الانزلاق مرة ثانية، وليجد من حول من يقيل عثرته ، ويعلي همته; إذ للبيئة أثر كبير في تكوين شخصية الفرد وجدير بالبيان أن نفع التوبة.

ونبه إلى أن في تلك القصة كان منوطا بما بين العبد وربه ، وحقوق الله مبنية على المساحة. وهذا من باب الديانة ، أمام من باب القضاء فقد أبانت الشريعة الإسلامية أن حقوق العباد مبنية على المشاحة، وهذا شأن أهل القضاء ، ثم بعد ذلك قال الله تعالى : (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) [الشورى:40]. فيلغتنم كل امرئ باب التوبة المفتوح دائمًا إلى الله.