تناول الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية خلال استضافته بأحد البرامج التلفزيونية ، عن قضية تمس كل أسرة وهي أسلوب الآباء في تربية الأبناء، مؤكدًا أن الحزم مطلوب ولكن يجب ألا يتحول إلى قسوة تهدم العلاقة بين الوالد وولده وتدفع الأبناء للعقوق والتمرد.
وأوضح الشيخ أن من صفات رب الأسرة أو ولي الأمر أن يكون قلبه رحيمًا بمن حوله، وأن يتحلى بالرفق واللين في تعامله مع أبنائه، محذرًا من أن يكون الأب سببًا مباشرًا في عقوق أبنائه بسبب غلظة القول أو التعامل الجارح، قائلاً: "ما تخليش ابنك يعقك، بلاش تكون سبب في عقوق أولادك، سيب لهم باب البر مفتوح بالكلمة الحلوة والرحمة، ومتقفلش قلوبهم بالألفاظ المؤذية، لأن الكلمة الجارحة ممكن تخلّي الولد يبعد عنك ويغلق قلبه دون قصد منك".
وأضاف الشيخ عويضة أن الأب الحكيم هو الذي يسهّل على أبنائه طريق البر به، لا أن يصعّبه عليهم، مشيرًا إلى الحكمة البليغة التي قالها الأحنف بن قيس رضي الله عنه: "أبناؤنا فلذات أكبادنا، نحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة، إن غضبوا فأرضهم، وإن طلبوا فأعطهم، يحبّوك جهدهم ويمنحوك ودّهم".
وعلّق قائلاً إن الرحمة والحنان هما المفتاح الحقيقي لكسب قلوب الأبناء، بينما القسوة والتعنيف لا تزرع إلا الجفاء والنفور.
وأشار إلى أن كثيرًا من حالات العقوق والانحراف التي نراها اليوم سببها غياب الحنان الأسري، مؤكدًا أن بعض الآباء لا يدركون أن معاملتهم القاسية قد تدفع أبناءهم إلى البحث عن بدائل خارج البيت، قائلاً: "للأسف كتير من أولادنا لما بيلاقوش حضن في البيت، بيرموا نفسهم في حضن الحرام أو أصحاب السوء أو حتى المخدرات، وكل ده لأننا ما احتويناهمش من البداية".
وبيّن أمين الفتوى أن أفضل أسلوب في تربية الأبناء هو ما علّمه النبي صلى الله عليه وسلم بأفعاله قبل أقواله، فقد كان أرحم الناس بمن حوله، لا يوبّخ ولا يعنّف، مستشهدًا بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي قال فيه: "خدمت رسول الله عشر سنين، فما قال لي لشيء فعلته لِمَ فعلتَه، ولا لشيء لم أفعله ألا فعلتَه"، موضحًا أن هذا هو النموذج الأعلى في الرفق والتربية بالقدوة.
وتابع قائلاً إن الزمن تغيّر، والأبناء اليوم يعيشون في عالم مفتوح تتعدد فيه المؤثرات والمغريات، لذلك أصبح واجبًا على الآباء أن يكونوا أكثر وعيًا وصبرًا ورحمة، لأن الغضب والصوت العالي لم يعودا يجديان نفعًا، بل قد يدفعان الأبناء للتمرد والهروب.
واختتم الشيخ عويضة عثمان حديثه بنداء مؤثر للآباء، قال فيه: "رجاءً يا أولياء الأمور، أولادكم محتاجين منكم حضن وحنية وتفاهم، مش صوت عالي ولا ضرب ولا إهانة، لأن اللي نقسي عليه النهارده ممكن نخسره بكرة، ويمكن مايرجعش تاني".

