لعل ما يطرح أهمية سؤال هل ضرب الكف على الوجه حرام ؟، هو أنه أحد الأفعال الشائعة بين الناس والتي يستهين بها الكثيرون، دون التحقق من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يبحثوا فيه عن حقيقة هل ضرب الكف على الوجه حرام ؟ رغم أن وصاياه -صلى الله عليه وسلم- ونواهيه فيها كل خير وفلاح لنا في الدنيا والآخرة وبها تكون النجاة من العذاب وفتن الدارين، من هنا جاء السؤال عن هل ضرب الكف على الوجه حرام ؟.
هل ضرب الكف على الوجه حرام
قال الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن النبي -صلى الله عليه وسلم- حرم الضرب على الوجه سواء في ذلك الصغير أو الكبير.
واستشهد «شلبي»، في إجابته عن سؤال: «هل ضرب الكف على الوجه حرام ؟»، بما رواه مسلم (2612) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ».
وأفاد بأن وجه الإنسان سواء أكان صغيرًا أو كبيرًا هو على صورة الوجه الذى خلقه الله لسيدنا آدم أبي البشر، بل إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن ضرب الوجه حتى في القتال، لأن فيها امتهانًا للمضروب.
ولفت إلى أنه كذلك الصوت العالي فلم يكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع صوتًا لا في الأمر ولا في النهى بل كان معتدلًا وكان يرشد السيدة عائشة أم المؤمنين فكان يقول يا عائشة: «إنَّ الرِّفقَ لا يكونُ في شيءٍ إلَّا زانه، ولا يُنزعُ من شيءٍ إلَّا شانه».
ونوه بأنه يجب على الآباء عند تربية الأبناء أن يكون ذلك بالرفق، ولا يعني الرفق التساهل، وإنما يعني عدم الغضب أي حزم مع رفق وليس تساهلًا أو تفريقًا حتى ينشأ أولادنا أسوياء، فلا تكون لديهم عقد نفسية.
ونصح الآباء والأمهات بشكل عام أن يكونوا رفقاء في تربية أولادهم أيا كانت أعمارهم فإن ذلك يساعد على تنشئة جيل سوي نفسيًا وسوى الأخلاق.
حكم الضرب على الوجه
وبين الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهانا أن نضرب الوجه فيقول: (اتق الوجه فإن الله قد خلق آدم على صورته).
واستطرد: أي على صورة ذلك المضروب؛ فاحترامًا لهذا الإنسان الأول الذي كرّمه الله وأسجد له الملائكة كرّم الله أبناءه وأعز وجوههم سواء أعرفوا الله أم لم يعرفوه، وسواء آمنوا أم كفروا، وسواء أصلحوا في الأرض أو أفسدوا فيها.
أوضح «جمعة» عن حكم الضرب على الوجه ، أن لم يأت نبي قط ويدعو الناس إلى أن يتسلط بعضهم على بعض فيبيح السب والقذف والتعذيب، بل كل نبيٍ دعا إلى كرامة الإنسان وحقوقه ودعا إلى احترام الآدمي باعتباره أن الله قد خلقه على صورة أبيه آدم الذي كرمه وشرفه.
وأشار إلى أنه قد حفظ الله سبحانه وتعالى كرامة الإنسان كرامةً لآدم عليه السلام وأمرنا الله ألا نكون سفهاء لا في تحصيل الأموال ولا في إنفاقها فحرّم علينا الحرام وأباح لنا المباح وحفظ علينا مقاصد الشرع الشريف الذي إذا ما حفظناها على أنفسنا نلنا سعادة الدارين.
وذكر أن الإنْسانُ هو صَنعَةُ اللهِ التي كرَّمها وفضَّلها على كثيرٍ ممَّن خَلَقَ، وقد أمَرَنا باحتِرامِ النَّفسِ البَشَريَّةِ، وخاصَّةً الوجهَ الذي هو أشرَفُ ما في الإنْسانِ ومناطُ العِزَّةِ والكَرامَةِ فيه.
ونبه إلى أنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ على صورَتِه"، والمعنى: أنَّ اللهَ تَعالى سَميعٌ بَصيرٌ، مُتكلِّمٌ إذا شاءَ ومتَى شاءَ، وله وجهٌ يَليقُ بكَمالِه وجلالِه، وهكذا خلَق اللهُ آدَمَ سميعًا بَصيرًا ذا وَجْهٍ، وذا يَدٍ، وذا قَدَمٍ، وليس معنى ذلك أنَّ وجهَ الرَّبِّ جلَّ جلالُه يُشبِهُ وجْهَ الإنْسانِ.
وأردف: بل ليس السَّمْعُ كالسَّمعِ، وليسَ البَصَرُ كالبَصَرِ، وليس التكلُّمُ كالتكلُّمِ، بل للهِ صِفاتُه جلَّ وعَلا الَّتِي تَلِيقُ بجلالِه وعَظَمَتِه، وللعبدِ صِفاتُه الَّتِي تَلِيق به؛ فصفاتُ العبدِ يَعترِيها الفَناءُ والنَّقصُ، وصِفاتُ اللهِ سُبحانَه كاملةٌ لا يَعترِيها نقصٌ، ولا زَوالٌ، ولا فَناءٌ.
ودلل بما قال الله عزَّ وجلَّ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، وقال سُبحانَه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4]. وهذا الحديثُ مِن أحاديثِ الصِّفاتِ التي تُمَرُّ كما جاءتْ مِن غَيرِ تَحريفٍ أو تعطيلٍ، ومِن غيرِ تكييفٍ أو تمثيلٍ .

