تحوّل ما يُعرف باسم “Trump Phone” أو T1 Phone 8002 (الإصدار الذهبي) إلى واحدة من أغرب قصص الهواتف الوهمية في 2025، بعد وعود كبيرة بـ“ثورة في عالم الاتصالات” انتهت إلى منتج لم يظهر إلى اليوم في أيدي المستخدمين.
بدأت القصة بإطلاق خدمة Trump Mobile وخطة اشتراك “The 47 Plan” مع وعود بهاتف ذهبي “مصمَّم ومصنَّع في الولايات المتحدة” مقابل 499 دولارًا ودفعة حجز أولية قدرها 100 دولار.
البداية: وعود كبيرة وخطة “47”
في يونيو 2025 أعلنت منظمة ترامب عن Trump Mobile، وهي خدمة اتصالات تعمل كمشغّل افتراضي على شبكات كبرى شركات الاتصالات الأمريكية، مع خطة شهرية بسعر 47.45 دولار تتضمن مكالمات ورسائل وبيانات “غير محدودة”.
نجم الإعلان كان هاتف T1 الذهبي، الذي روِّج له كهاتف أمريكي بامتياز مع مزايا مثل التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي، مستشعر بصمة مدمج، وذاكرة 256 جيجابايت ورام تصل إلى 12 جيجابايت مع أندرويد 15 ومنفذ USB‑C ومنفذ سماعات 3.5 مم.
من أغسطس إلى “لاحقًا هذا العام”: مواعيد تتبخر
بدأت الشركة في تلقي دفعات حجز بقيمة 100 دولار مع وعد بإطلاق الهاتف في أغسطس، ثم جرى تأجيل الموعد إلى سبتمبر، ثم إلى تاريخ مبهم “لاحقًا هذا العام” بحسب نسخة الموقع التي يراها الزائر.
بالتوازي، تم تعديل صفحة المنتج أكثر من مرة؛ فالتسويق لكون الهاتف “مصنَّعًا في أمريكا” اختفى، وتم تقليص حجم الشاشة المعلن من 6.8 بوصة إلى نحو 6.25 بوصة، مع حذف تفاصيل الذاكرة العشوائية من المواصفات. هذه التغييرات المتتابعة أشعلت الشكوك حول جدّية المشروع من الأساس.
صور “مفبركة” وتهديد بقضية من شركة إكسسوارات
الضربة الأكبر لمصداقية Trump Phone جاءت عندما لاحظ صحفيون أن الصور الرسمية للهاتف تبدو مألوفة بشكل مريب.
تبيّن أن إحدى الصور عبارة عن جهاز سامسونج من سلسلة جلاكسي مع إضافة غلاف ذهبي وشعار “T1”، بينما ظل شعار شركة Spigen لإكسسوارات الحماية ظاهرًا على الغلاف في إحدى اللقطات، ما دفع الشركة إلى الرد بسخرية والتلويح بإجراءات قانونية.
عزّز هذا الاكتشاف الانطباع بأن الهاتف مجرد “فوتوشوب” يُسوَّق كمنتج حقيقي لم يوجد بعد.
نوفمبر: لا هاتف واحد… لكن متجر “إعادة بيع”
مع حلول أكتوبر ونوفمبر، أكدت تقارير صحفية أميركية أن Trump Mobile أجّلت الإطلاق مرة أخرى، في حين لم يظهر أي دليل على وصول الهاتف لأي عميل رغم مرور أشهر على تحصيل دفعات الحجز.
في المقابل، أضيفت إلى موقع Trump Mobile عروض لبيع هواتف آيفون وهواتف سامسونج مُجددة، في إشارة واضحة إلى أن الشركة قادرة حاليًا على بيع هواتف شركات أخرى أكثر مما هي قادرة على توفير هاتفها “الخاص”.
مواصفات على الورق فقط… وهاتف لم يُشحن أبدًا
ورغم أن الورق يبدو جذابًا: هاتف ذهبي بلون لامع، شاشة AMOLED 120 هرتز بحجم كبير، كاميرا 50 ميجابكسل، بطارية 5000 مللي أمبير، مع سعر 499 دولارًا وخطة اتصالات “مميزة”، إلا أن كل هذه المواصفات ظلّت حبيسة صفحات الموقع والتصريحات الإعلامية.
لم تؤكد أي جهة مستقلة استلام جهاز واحد، ولم تظهر مراجعات حقيقية للهاتف، فيما ظل الموقع يعد بإطلاقه “هذا العام” دون جديد.
نموذج مثالي لـ “الـVaporware” السياسي
تصف تحليلات تقنية متخصصة قصة Trump Phone كأنها نموذج مدرسي لمنتج “وهمي” أو Vaporware: وعود كبيرة، حملة سياسية/تجارية مغلّفة بالرموز والشعارات، مواصفات قوية نظريًا، ثم تأجيل بلا نهاية مع استمرار الاحتفاظ بأموال الحجوزات.
بالنسبة لجزء من الجمهور، أصبح دفع 100 دولار بمثابة “تصويت سياسي” أكثر منه عملية شراء تقليدية، لكن النتيجة حتى الآن هي هاتف لم ير النور ومشروع يختلط فيه التسويق السياسي بالتقنية في قصة هي الأغرب في سوق الهواتف لعام 2025.