مع تصاعد الضغوط على القيادة الإسرائيلية داخليا وخارجيا، برزت مكالمة مطولة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتفتح فصل جديدا من التداخل بين الملفات القضائية والسياسية والعسكرية.
وجاءت مكالمة مطولة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشفت عن طلب مباشر من نتنياهو بمضاعفة دعم ترامب في معركته للحصول على عفو من الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ قبل البت في مصيره القضائي.
وقد نقلت مصادر أمريكية وإسرائيلية لموقع «أكسيوس» تفاصيل المكالمة، التي عكست بدورها التوترات المتصاعدة في الملفات الحساسة بين واشنطن وتل أبيب.
وبحسب مسؤولين أمريكيين ومسؤول إسرائيلي، فقد ركز الاتصال، الذي جرى يوم الإثنين، على تطورات الأوضاع في غزة وسوريا، لكنه تطرق كذلك إلى محاكمة الفساد الجارية بحق نتنياهو، وكان ترامب قد تدخل مرارا خلال الأشهر الماضية في مسار القضاء الإسرائيلي، داعيا إلى إنهاء محاكمة نتنياهو.
وفي الشهر الماضي، وجه ترامب رسالة رسمية إلى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، اعتبر فيها التهم الموجهة لنتنياهو "تسييسا للقضاء"، وطالب بمنحه عفوا.
تحركات رسمية نحو العفو
وسبق، وأرسل نتنياهو رسالة رسمية إلى هرتسوغ يطلب فيها إصدار عفو يسمح له – بحسب تعبيره – بالتركيز على الأمن القومي الإسرائيلي والاتفاقات الإقليمية.
وأشار هرتسوغ إلى أنه سيدرس الطلب بعد استكمال الآراء القانونية اللازمة، في عملية قد تستغرق نحو شهرين.
وخلال مكالمة الإثنين، طلب نتنياهو من ترامب مواصلة دعمه لجهوده الرامية إلى الحصول على العفو، وفق ما ذكره مسؤولون أمريكيون.
وكان أحد المسؤولين الأمريكيين قال إن ترامب أبلغ نتنياهو بأنه يعتقد أن العفو سينجح في النهاية، لكنه لم يقدم أي تعهد بخطوات إضافية، فيما أوضح مسؤول آخر أن "نتنياهو يريد من ترامب بذل المزيد، لكن الرئيس قدم كل ما يستطيع".
في المقابل، قال مسؤول إسرائيلي إن ترامب هو من بادر إلى إثارة ملف العفو خلال المكالمة، وأن الطرفين اتفقا على استمرار النقاش بشأنه.
ضغوط أمريكية بشأن غزة
وخلال الاتصال، مارس ترامب ضغوطا على نتنياهو لتغيير نهجه في قطاع غزة، وذكر مسؤول أمريكي أن ترامب طلب من نتنياهو أن يكون شريكا أفضل في تنفيذ اتفاق السلام.
وسأل ترامب نتنياهو عن سبب استمرار الجيش الإسرائيلي في قتل عناصر حركة حماس المحاصرين داخل الأنفاق داخل المناطق الخاضعة لسيطرة إسرائيل، بدلا من السماح لهم بالاستسلام، ورد نتنياهو بأن هؤلاء مسلحون ويمثلون خطرا.
وكانت واشنطن قد سعت للتوسط في اتفاق بين إسرائيل وحماس يقضي بمنح العناصر المحاصرين عفوا إذا استسلموا، باعتباره نموذجا يجبر حماس على التخلي عن السلاح.
الملف السوري
وفي ما يتعلق بسوريا، قال مسؤول أمريكي إن ترامب طلب من نتنياهو "خفض مستوى العمليات العسكرية" و"تجنب استفزاز الحكومة السورية"، وجاء هذا الطلب بعد ثلاثة أيام من غارات إسرائيلية أدت إلى مقتل 13 شخصا وأثارت غضب دمشق.
وأضاف المسؤول الأمريكي أن ترامب أبلغ نتنياهو بأن "القيادة الجديدة في سوريا تحاول تحسين الأوضاع في البلاد".
وبعد المكالمة، بدا أن نتنياهو خفف من حدة خطابه تجاه سوريا، إذ قال في بيان صدر أمس الثلاثاء إن "التوصل إلى اتفاق مع السوريين ممكن إذا استجابت دمشق لمطالب إسرائيل".
والجدير بالذكر، أن قد كشفت هذه المحادثة، التي تزامنت مع توترات متصاعدة بين واشنطن وتل أبيب، عن تحركات حساسة تجري خلف الكواليس، وتداخل مباشر بين قضايا العفو الرئاسي وقضايا الأمن الإقليمي، بما يعكس حجم اللحظة الحرجة التي تمر بها العلاقات الثنائية والملفات الإقليمية على حد سواء.



