قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

رائحة الصرف الصحي وانتشار الحشرات.. كارثة السجون الإسرائيلية تتجاوز كل الحدود

السجون الإسرائيلية
السجون الإسرائيلية

تواجه إسرائيل واحدة من أخطر أزمات الاحتجاز في تاريخها، وفقًا لتقرير نشره مكتب المحامي العام يوم الخميس، والذي يوثق اكتظاظًا واسع النطاق، وتدهورًا في الظروف الصحية، وإخفاقات فادحة في الرعاية الطبية والنفسية في 43 سجنًا ومركز احتجاز.

السجون في إسرائيل

تُظهر النتائج، المستندة إلى زيارات رسمية أُجريت في عامي 2023 و2024، أن النظام يُدفع إلى ما يتجاوز طاقته بكثير، ويرجع ذلك أساسًا إلى الارتفاع الكبير في الاعتقالات عقب اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.

ردًا على التقرير، قالت مصلحة السجون الإسرائيلية إن أزمة الاكتظاظ معروفة منذ فترة طويلة لجميع الوزارات الحكومية المعنية، وهي تحت إشراف المحكمة العليا منذ قرارها عام 2017 بشأن الحد الأدنى من مساحة المعيشة في السجون.

وأكدت مصلحة السجون أن مسؤولية تلبية تداعيات القرار “تقع على عاتق جميع السلطات الوطنية”، بحسب ما أفادت به صحيفة جيروزاليم بوست.

يُظهر التقرير أن جوانب الحياة اليومية خلف القضبان تشمل الزنازين المكتظة لدرجة أن المعتقلين لا يستطيعون الحركة دون أن يتسلقوا بعضهم بعضًا؛ ونوم السجناء على مراتب رقيقة على الأرض لأسابيع أو أشهر؛ والحرارة الشديدة والهواء الخانق في زنازين غير مهواة؛ وانتشار بق الفراش والصراصير بشكل مستمر في العديد من المرافق، جمع السجناء الحشرات في مرطبانات لعرضها على المفتشين.

حرب إسرائيل وحماس ونظام السجون

في نهاية عام 2024، كانت إسرائيل تحتجز حوالي 23,000 سجين، متجاوزةً بكثير الحد الأقصى القانوني البالغ 14,500 سجين، بزيادة قدرها 60% منذ بدء الحرب.

سمح قانون الطوارئ الصادر في أكتوبر 2023 لمصلحة السجون الإسرائيلية بتجاوز متطلبات الحد الأدنى من المساحة والالتزام بتوفير سرير لكل سجين ومع ذلك، وحتى مع هذه التدابير المؤقتة، ظل النظام مُثقلًا بالأعباء.

صرحت مصلحة السجون الإسرائيلية أنها استوعبت منذ بدء ما أسمته "عملية القيامة" آلاف المعتقلين الأمنيين من غزة والضفة الغربية، مما فاقم أزمة الاعتقالات على المستوى الوطني.

حتى بعد عودة معظم الرهائن الإسرائيليين، مقابل إطلاق سراح مئات المعتقلين، أشارت المصلحة إلى أنها لا تزال مسؤولة عن أكثر من 9000 سجين أمني، أي ما يقرب من ضعف عدد المعتقلين في بداية الحرب.

في جميع المنشآت التي زارها المفتشون تقريبًا، وجدوا اكتظاظًا يفوق بكثير ما قضت به المحكمة العليا الإسرائيلية سابقًا بأنه يتوافق مع الكرامة الإنسانية في بعض الحالات، كان السجناء ينامون تحت الأحواض، أو تحت النوافذ، أو بجوار المراحيض مباشرةً.

السجون الإسرائيلية

في سجن أبو كبير في تل أبيب، وجد التقرير أن إحدى الزنازين المصممة لستة سجناء كانت تضم اثني عشر شخصًا في نوفمبر 2024، مع توفر ستة أسرّة فقط وأفاد المفتشون بوجود رائحة كريهة مستمرة، ودُشّات مكسورة، وجدران ملطخة بالعفن.

في مركز احتجاز نيتسان بالرملة، يشير التقرير إلى أن الاكتظاظ كان شديدًا لدرجة أن المفتشين لم يتمكنوا من دخول بعض الزنازين، واضطر عشرات المعتقلين إلى قضاء معظم اليوم مستلقين على أسرّتهم بلا حراك لعدم وجود مساحة كافية على الأرض.

في عدة أجنحة، اضطر السجناء إلى تجاوز سجناء آخرين نائمين على الأرض للوصول إلى الحمام. أحد المعتقلين مبتورة ساقه لم يكن لديه سرير مناسب، فكان يرقد على سرير منخفض، بينما اضطر سجين آخر للجلوس على كرسيه المتحرك بسبب ضيق المساحة.

في سجن ريمونيم قرب نتانيا، أفاد السجناء بأنهم ناموا على الأرض لمدة تصل إلى شهر وفي سجن معسياهو، أيضًا في الرملة، وصف المفتشون "حرارة شديدة واختناقًا"، حيث كان السجناء المسنون يسقطون على بعضهم البعض أثناء محاولتهم التنقل في الزنازين الضيقة.

لوحظ سوء الصرف الصحي في معظم المرافق، حيث تقع العديد من السجون في مبانٍ قديمة تعاني من أعطال مزمنة في السباكة والرطوبة.

في سجن هشارون، وُجدت في الجناحين 9 و10 مراحيض متهالكة للغاية، ورائحة صرف صحي خانقة تملأ أرجاء الزنازين وأبلغ السجناء عن حكة مستمرة ولدغات حشرات، كما وثّق المفتشون "بقع دم جافة على الجدران".

في سجن جفعون بالرملة، جمع السجناء بق الفراش في جرة لعرضه على الفريق الزائر؛ وكانت بقع الدم ظاهرة على الجدران نتيجة اللدغات المتكررة وفي سجن ريمونيم أ، زحفت الصراصير بشكل علني عبر قاعة الطعام وأجهزة تسخين الطعام في السجن.

وخلص التقرير إلى أن 11 منشأةً شهدت قصورًا خطيرًا في الرعاية الطبية، وخاصةً في العلاج النفسي وُضعت بعض السجناء الذين اعتُبروا بحاجة ماسة إلى دخول المستشفى في مرافق احتجاز، بسبب نقص الأماكن في مستشفيات الأمراض النفسية.

سجون النساء في إسرائيل

وفي سجن نفيه ترتسا للنساء، أيضًا في الرملة، وُصف الوضع في التقرير بأنه "خطير للغاية" ولم تتلق السجينات في منشأة الاحتجاز النسائية الوحيدة في البلاد اللاتي يعانين من حالات نفسية حادة أي إطار علاجي مخصص؛ إذ تدير مصلحة السجون الإسرائيلية وحدة للأمراض النفسية (MABAN) مخصصة للرجال فقط.

بدلاً من ذلك، تُوضع النساء في وحدة عزل تُعرف باسم "جناح التكامل"، حيث يقضي بعضهن معظم ساعاتهن وحيدات تمامًا في زنازين قاسية وغير صالحة للسكن. 

ولاحظ المفتشون تدهورًا حادًا في وضعهن: فقد لطّخت إحدى السجينات جدران غرفتها بالبراز وألقت الطعام على القضبان، بينما صرخت أخريات أو ضربن بقوة دون سيطرة.

بحلول أواخر عام 2024، كان حوالي 4500 سجين ينمن دون سرير كل ليلة، بما في ذلك 1300 سجينة جنائية وأكثر من 3000 سجينة أمنية. 

ومن بين الفلسطينيين المصنفين كسجناء أمنيين، احتُجز أكثر من 90% منهم في أماكن تقل مساحتها عن الحد الأدنى الذي حددته محكمة العدل العليا، وهو ثلاثة أمتار مربعة للشخص الواحد.

وكان معظمهم محتجزين لمدة 23 ساعة يوميًا في زنازين مظلمة وغير جيدة التهوية، وأبلغوا عن الجوع وفقدان الوزن الشديد والإغماء وسوء المعاملة الجسدية بشكل متكرر.

وأشار التقرير إلى أن أزمة السجن امتدت إلى مراكز الشرطة وفي عام ٢٠٢٣، ومع عجز مصلحة السجون الإسرائيلية عن استيعاب معتقلين جدد، احتُجز العشرات لأيام أو أسابيع في زنازين احتجاز غير مُجهزة للاحتجاز لفترات طويلة.

وثّق المفتشون حمامات قذرة، وقلة الوقت المخصص للاحتجاز في الهواء الطلق، وعدم وجود طبيب في الموقع، وفي بعض الحالات عدم وجود فراش أو مستلزمات النظافة الأساسية.

في مركز شرطة بات يام، احتُجز معتقلان لمدة ١٠ أيام بدون ملاءات أو مناشف أو ملابس نظيفة، بينما في مركز شرطة الناصرة، كانت الحمامات في حالة سيئة للغاية لدرجة أنها "غير صالحة للاستخدام البشري"، مع هواء خانق وانعدام التهوية.