في خطوة ازدادت رمزية بعد سلسلة من التوترات مع واشنطن، شهدت العلاقات بين الهند وروسيا تقاربًا جديدًا لافتًا، عبر إعلان رسمي أمس عن إطلاق برنامج تعاون اقتصادي استراتيجي يمتد حتى عام 2030. الإعلان يأتي في سياق توثيق الروابط الدفاعية والطاقة والتجارة بين البلدين، ويمثل بوضوح انتقال نيودلهي نحو خيار متعدد الأقطاب بعيد عن التأثير الأميركي المباشر.
ما الذي تغير؟ لماذا هذا التقارب الآن؟
الاتفاق الجديد بين الهند وروسيا يتضمن «رؤية 2030»، التي تهدف إلى رفع حجم التجارة بين البلدين إلى 100 مليار دولار، وتوسيع التعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والدفاع وتبادل العمالة، إضافة إلى الربط التجاري والصناعي.
وفق التصريحات الرسمية، وأكد كل من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الشراكة بين البلدين تعد "عمودًا ثابتًا" في سياسات نيودلهي، رغم الضغوط الأميركية وتذبذب السياسة العالمية.
يأتي هذا التقارب في أعقاب سلسلة من التوترات بين الهند وأميركا، بدأت فرض رسو تحاجر كبيرة على السلع الهندية، ثم نشوب خلاف حول استيراد نيودلهي للنفط الروسي، في وقت ضاعفت فيه واشنطن ضغوطها الاقتصادية على نيودلهي.
ماذا يعني هذا عن علاقة مودي – ترامب؟
ويعد بروز تحالف اقتصادي-سياسي بين الهند وروسيا بمثابة رسالة واضحة أن نيودلهي تبحث عن تنويع شركائها بعيدًا عن الاعتماد على الولايات المتحدة فقط، مما يعكس تبلور خلافات حقيقية مع إدارة دونالد ترامب.
وتؤكد تصريحات بوتين ومودي أن الهند لا تزال تعتمد على روسيا في مجالات استراتيجية كالنفط والمعدات الدفاعية، رغم تحذيرات أميركية، ما يضع نيودلهي في مواجهة مباشرة مع ضغوط من واشنطن.
الخبرة الروسية في مجال الدفاع والاعتماد الطويل للهند على التصنيع العسكري الروسي تعني أن هذه الشراكة الجديدة قد تعزز قدرة نيودلهي العسكرية وتقلل من فعالية الحوافز الأميركية — الأمر الذي قد يفسر تراجع الود بين مودي وترامب.
معضلات استراتيجية
وتواجه الهند معضلة كبيرة في ظل التوازنات الدولية: من جهة شريك اقتصادي وسياسي قوي في الولايات المتحدة، ومن جهة أخرى حليف تقليدي لموسكو في مجالات الدفاع والطاقة. في السنوات الأخيرة، سعت نيودلهي لحفظ توازن بين هذين القطبين، لكن سياسات ترامب الجمركية وضغوطه على استيراد النفط الروسي دفعتها إلى إعادة حساباتها.
ويكشف برنامج "رؤية 2030" الهندي — الروسي أن نيودلهي تريد ضمان أمنها الاقتصادي والاستراتيجي بعيدًا عن الابتزاز التجاري أو الضغوط الدولية: تعاون في الطاقة، تجارة، تصنيعات دفاعية، وتوسيع التنقل والعمل.