قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

في ذكرى رحيل جمال إسماعيل.. عندما يتحدث الأداء بصوت الصدق

جمال إسماعيل
جمال إسماعيل

في مثل هذا اليوم من عام 2013، ودع الوسط الفني الفنان جمال إسماعيل، أحد الوجوه الهادئة التي صنعت حضورها بالإخلاص والعمل الجاد، ونجح في ترك بصمة مميزة في تاريخ الفن ،ورغم أن أدواره غالبا ما ابتعدت عن البطولة المطلقة، فإن حضوره ظل قويا وراسخا في وجدان الجمهور.


ولد جمال الدين إسماعيل حسن في 20 فبراير عام 1933 بمحافظة الشرقية، ونشأ في أسرة فنية عريقة؛ فوالده الموسيقي إسماعيل أفندي، وشقيقه الأكبر الموسيقار الكبير علي إسماعيل ، أحد أبرز الأسماء في تاريخ الموسيقى التصويرية المصرية، إذ نشأ محاطا بالموسيقى والإبداع، ما أسهم في تشكيل ميوله الفنية منذ الصغر.


وعلى الرغم من شغفه المبكر، لم يكن الطريق ممهدا أمامه ، إذ واجه معارضة أسرية، خاصة من والدته، ما دفعه إلى الالتحاق بكلية الآداب قسم التاريخ جامعة عين شمس احتراما لرغبة الأسرة، وحصل على الليسانس عام 1957، ، وفي الوقت ذاته نال بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1956، بعدما شجعه الفنان زكي طليمات على الالتحاق بالمعهد عقب مشاهدته له في عرض مسرحي أثناء دراسته الثانوية.


بدأ إسماعيل مشواره الفني بالالتحاق بالفرق النموذجية بالمسرح الشعبي التابع لمصلحة الفنون، ثم عين مفتشا للمسرح بمحافظة الإسكندرية عام 1958، حيث أشرف على عروض الفرق المدرسية والجامعية، وأخرج حفلات الشركات، كما ساهم في تكوين فرق فنية بعدة محافظات.


تزوج بالإسكندرية، وعاش هناك فترة من حياته، ومع انطلاق التليفزيون المصري عام 1960،قرر الانتقال إلى القاهرة، ولم يكن القرار سهلا، خاصة بعد رفض طلب نقله، ما اضطره إلى تقديم استقالته ، والمغامرة بمستقبله المهني من أجل الفن، في خطوة عكست إيمانه العميق برسالته الفنية.


وبعد انتقاله إلى القاهرة، واجه جمال إسماعيل العديد من الصعوبات ، لكنه نجح في الانضمام إلى فرقة التليفزيون بعد اجتيازه عدة اختبارات، ليبدأ مرحلة جديدة من مسيرته إلى جانب جيل مميز من الفنانين مثل أبو بكر عزت، عزت العلايلي، رشوان توفيق، وإبراهيم سعفان ، وشارك في مسرحية "شيء في صدري" ، ثم توالت أعماله المسرحية التي تنوعت بين التراجيديا والكوميديا، ومن أبرزها : "المفتش العام" عام 1961 ، "الطرطور" 1966 ، "سيدتي الجميلة" 1969 ، "اديني عقلك" 1973 ، "ربع دستة أشرار" 1979 ، "سحلب" 1991، "ورد الجناين" 2011.


ويعد دوره في مسرحية " سيدتي الجميلة " بشخصية «حسب الله بعضشي» من أبرز أدواره على خشبة المسرح ، حيث جمع بين التمثيل والغناء والاستعراض، وقدم شخصية لا تزال عالقة في ذاكرة المسرح المصري.


ورغم محدودية أدوار البطولة في السينما ، استطاع جمال إسماعيل أن يترك بصمة واضحة منذ ظهوره الأول بمشهد صامت في فيلم "حبيب الروح" عام 1951، ثم شارك في عدد من الأفلام، منها: فيلم "العقلاء الثلاثة" عام 1965 ، "مجرم تحت الاختبار" 1969 ، "مدرسة المراهقين" 1973 ، "قضية عم أحمد" 1985، "الرجل الذي عاش" 1997 ، "طباخ الريس" 2008 ، "توم وجيمي" 2013 . كما كان له حضور لافت في مسلسلات الأطفال التي أجادها بفضل صوته المميز وأدائه القريب من وجدان الصغار.


أما الدراما التليفزيونية، فمثلت المساحة الأوسع لتألقه ، إذ شارك في عشرات الأعمال التي تنوّعت بين الاجتماعي والتاريخي والديني ، من بينها "عذراء مكة" 1961 ، "ليالي الحلمية" 1987 ، "بين القصرين" 1987، "شموع لا تنطفىء" 1991 ، "حتى لا يغيب القمر" 1994 ، "الضوء الشارد" 1998 ، "ام كلثوم" 1999، "قضية رأي عام" 2007، "سلسال الدم" 2013، "مكان في القصر" 2014، ليصل رصيده الفني إلى أكثر من 490 عملا ما بين المسرح والسينما والدراما.


تميز الراحل بقدرته على تجسيد أدوار الأب والجد والمعلم، كما أتقن أدوار الخير والشر دون مبالغة، معتمدا على البساطة والصدق ،و لم يكن يسعى للبطولة، بل كان يختار أدواره بعناية، مؤمنا بأن القيمة الحقيقية للفنان تكمن في جودة الأداء لا في مساحة الظهور.


وفي فجر يوم الأربعاء 18 ديسمبر 2013، رحل الفنان جمال إسماعيل عن عمر ناهز 80 عاما، بعد صراع استمر ستة أشهر مع مرض القلب، ولم يتمكن من استكمال مشاهده الأخيرة في مسلسل "مكان في القصر"، الذي أهداه صناع العمل لروحه تقديرا لمسيرته.

 وأوصى بأن يدفن في مقابر عائلة والدته بالقرب من مقام السيدة نفيسة، لما كان يحمله من حب خاص لآل البيت، ليرحل بهدوء يشبه مسيرته، تاركا خلفه إرثا فنيا غنيا يؤكد أن الفن الحقيقي لا يحتاج إلى صخب، وأن الممثل الصادق قادر على أن يعيش طويلا في ذاكرة جمهوره، مهما كانت مساحة الدور.