في ظل تزايد الشكاوى من انتشار الكلاب الضالة في الشوارع والميادين، وما يصاحب ذلك من حوادث اعتداء على المواطنين، عاد الجدل ليفرض نفسه حول أسباب تفاقم الظاهرة وسبل التعامل معها، خاصة بعد تسجيل حالات عض وإصابات خطيرة أثارت مخاوف مجتمعية واسعة. وفي هذا السياق، يوضح الدكتور سعيد أبو حمر، استشاري بمصلحة الطب البيطري بوزارة الزراعة، أبعاد الأزمة، كاشفًا عن غياب آليات المكافحة التي كانت معمولًا بها في السابق، وتأثير ذلك على أمن وسلامة المواطنين.
ظاهرة قديمة… لكن بلا رقابة
يؤكد الدكتور سعيد أبو حمر في تصريحات خاصة لـ صدي البلد أن ظاهرة الكلاب الضالة ليست جديدة، بل موجودة منذ سنوات طويلة، إلا أنها كانت تخضع لبرامج مكافحة منظمة. ويوضح أن هذه البرامج كانت تنفذ بتنسيق بين الجهات المعنية، حيث كانت فرق من وزارة الداخلية ترافق أطباء بيطريين للسيطرة على الكلاب الضالة في الشوارع، ما ساهم آنذاك في الحد من انتشارها.
توقف برامج المكافحة سبب رئيسي
ويرى أبو حمر أن السبب الرئيسي في تفاقم الظاهرة خلال الفترة الأخيرة يعود إلى توقف برامج المكافحة الدورية. ففي السابق، كانت هناك خطط شهرية واضحة يتم تنفيذها بانتظام، سواء باستخدام طلقات الرش أو مواد معينة كانت تُستخدم في عمليات المكافحة. ومع توقف هذه الآليات، تُركت الشوارع بلا رقابة حقيقية، ما سمح بتكاثر الكلاب الضالة بشكل لافت.
بين القتل الرحيم والوسائل القاسية
ويشير استشاري الطب البيطري إلى أن بعض الوسائل التي كانت تُستخدم قديمًا، مثل مادة “الستركنين”، كانت تُحدث موتًا قاسيًا للحيوان، حيث يتعرض لتشنجات وآلام شديدة قبل النفوق، وهو ما دفع الجهات المختصة لاحقًا إلى وقف استخدامها. ويؤكد أن الرصاص كان يُعد وسيلة أسرع وأقل معاناة مقارنة بتلك المواد، إلا أن جميع هذه الوسائل تم إيقافها، ما ساهم في تعقيد المشهد الحالي.
عض الكلاب… مؤشر مرضي خطير
ويحذر أبو حمر من خطورة عض الكلاب الضالة، موضحًا أن الكلب الذي يهاجم الإنسان غالبًا ما يكون مصابًا بمرض فيروسي خطير، مثل السعار، وهو مرض قاتل ينتقل إلى الإنسان عبر العض. ويؤكد أن ترك كلب مصاب على قيد الحياة يشكل تهديدًا مباشرًا، إذ يمكن أن يهاجم خمسة أو ستة أشخاص أو أكثر، ما يعني تعريض أرواح بشرية للخطر.
جدل مجتمعي يعطل الحلول
وينتقد أبو حمر ما وصفه بـ”التدخلات العاطفية” من بعض الفئات التي تعترض على عمليات المكافحة دون إدراك كامل لخطورة الموقف، مشددًا على أن حماية الإنسان يجب أن تكون أولوية. ويتساءل.. هل نترك كلبًا مصابًا ينقل المرض ويقضي على البشر، أم نتدخل بشكل حاسم لمنع الكارثة؟
ويختتم أبو حمر حديثه بالتأكيد على أن الحل يكمن في إعادة تفعيل برامج مكافحة الكلاب الضالة من خلال مديريات الطب البيطري، وفق خطط مدروسة وتنفيذ منظم، يوازن بين الاعتبارات الإنسانية وحماية المجتمع. فغياب القرار والحسم، بحسب وصفه، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الضحايا وتصاعد الأزمة.