في لحظة تاريخية فارقة، أسدلت شركة جاجوار الستار رسميًا على عصر محركات الاحتراق الداخلي الذي استمر لأكثر من تسعة عقود.
في يوم الجمعة الموافق 19 ديسمبر 2025، غادرت آخر سيارة تعمل بالبنزين خطوط الإنتاج في مصنع "سوليهل" بالمملكة المتحدة البريطانية.
ولم يكن اختيار الطراز الأخير وليد الصدفة، بل جاء تكريمًا لتاريخ الشركة العريق؛ حيث كانت السيارة الأخيرة من طراز إف-بايس SVR (F-Pace SVR) باللون الأسود، في إشارة رمزية لسيارة "E-Type" السوداء التي أنهت حقبتها التاريخية في السبعينيات.
إف-بايس SVR: الوحش الأخير على الطريق
تعتبر النسخة الأخيرة من "إف-بايس SVR" مختبرًا حيًا للقوة الميكانيكية التي ميزت جاغوار لسنوات طويلة، حيث تعتمد على محرك ثماني الأسطوانات (V8) سعة 5.0 لتر سوبرتشارجد، يولد قوة مذهلة تصل إلى 575 حصانًا وعزم دوران يبلغ 700 نيوتن متر. وتستطيع هذه السيارة، التي لن تطرح للبيع بل ستنضم إلى متحف "جاغوار دايملر هيريتاج"، التسارع من السكون إلى 100 كم/س في غضون 4.0 ثوانٍ فقط.
وبخروج هذه السيارة، تتوقف جاغوار تمامًا عن إنتاج أي سيارات تعمل بالوقود التقليدي، لتدخل في مرحلة انتقالية قصيرة قبل الإطلاق الكامل لأسطولها الكهربائي الجديد.
الهدوء الذي يسبق العاصفة الكهربائية
رغم توقف الإنتاج الحالي، إلا أن جاغوار لا تقف ساكنة؛ فالشركة تستعد لإطلاق سيارتها الكهربائية الجديدة كليًا من فئة GT في عام 2026.
وتعد هذه السيارة بداية لمرحلة "إعادة ابتكار" شاملة للعلامة التجارية، حيث ستعتمد على منصة كهربائية مخصصة (JEA) وتستهدف منافسة سيارات فائقة الفخامة مثل بنتلي ورولز رويس.
وبحسب التقارير التقنية، ستوفر سيارة الـ GT القادمة قوة تقترب من 1000 حصان ومدى قيادة يتجاوز 700 كم، مما يجعلها أقوى سيارة في تاريخ جاغوار على الإطلاق.
تحديات التحول الكامل نحو الطاقة النظيفة
يأتي هذا التحول الجذري في وقت تثير فيه السيارات ذاتية القيادة والكهربائية الكثير من الجدل حول العالم.
فبينما يودع عشاق جاجوار صوت محرك الـ V8 الهادر، تراهن الشركة على أن المستقبل يكمن في "الفخامة الصامتة" والأداء الكهربائي الخارق.
ومع ذلك، يواجه هذا الطموح تحديات كبيرة تتعلق بثقة المستهلك وبناء البنية التحتية للشحن السريع. إن قرار جاجوار بالانتقال المباشر من البنزين إلى الكهرباء بالكامل هو مغامرة هندسية كبرى قد تحدد مصير العلامة البريطانية العريقة في العقود القادمة.
لن تختفي سيارات البنزين من ذاكرة جاجوار، بل سيتم الحفاظ على النسخ الأخيرة من طرازات "إف-بايس" و"إكس إي" بجانب أول سيارة صالون أنتجتها الشركة في عام 1935.
هذا الجمع بين الماضي والحاضر يعكس احترام الشركة لإرثها الميكانيكي بينما تمضي قدمًا نحو عصر الاستدامة.
وسيكون عام 2026 هو الاختبار الحقيقي لقدرة جاغوار على الحفاظ على روح "القطة الواثبة" في جسد كهربائي صامت، لتقدم للمستهلك تجربة فريدة تجمع بين عراقة التصميم وتكنولوجيا المستقبل.