هل ينفرط عقد 30 يونيو؟

جمع يوم 30 يونيو شمل المناوئين لحكم الرئيس المعزول محمد مرسي من الائتلافات الثورية والأحزاب السياسية والقوى الشعبية بشكل لم يسبق له مثيل، باستثناء قلة منهم التي تجمعهم بالإخوان المسلمين علاقة براجماتية، تعتمد على المصالح الفئوية وليس المصلحة العليا للوطن، وهو الحق الأصيل في المشهد السياسي الحالي.
لم يكن هذا اليوم يومًا عاديًا، فقد وقّعت حشوده الغفيرة على وثيقة جماعية مدادها حب الوطن أولًا وأخيرًا وإعلاء شأنه دائمًا، دون النظر للحسابات الضيقة والتفاصيل التي يكمن فيها الشيطان إذا ما تركت تلعب بالعقول والأهواء السياسية المتقلبة، فكان الأمل والرجاء أن يستمر هذا التآلف والتعاضد مستمرًا حتى تخرج البلاد من النفق المظلم الذي يلفّ تضاريسه المعقدة شرقًا وغربًا شمالًا وجنوبًا.
غير أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فسرعان ما ضربت الخلافات جذور الوحدة المنشودة للعبور إلى بر الأمان وعدنا إلى نقطة الصفر، منذ بدأ التطبيق الفعلي لخارطة الطريق من خلال المعطلين لها في الداخل ومحيكي المؤامرات من الخارج وضخ ملايين الدولارات من التنظيم الدولي للإخوان والدول المساندة له، مثل قطر وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، لإفشال المشروع الوطني مهما كان الثمن.
تقاطعت المصالح وتخاصمت الأهداف وغابت الحقيقة، فبعد أن بدأت الشرطة في استعادة عافيتها لتعود الثقة بينها وبين الشعب ويتهاوى الخطاب الانتقامي من الجيش والشرطة، اختلطت الأوراق وتزايدت وتيرة العنف، من تظاهرات استرداد الشرعية إلى رفض قانون التظاهر، إلى الاحتجاج على ديباجة ومواد الدستور المعدل، إلى اشتعال الجامعات بنيران الخلافات السياسية، إلى العودة لفقدان الثقة بين الشعب وقواته المسلحة وخروج الهتافات المنددة بالعسكر من جديد .
فأي مصير ينتظرنا؟
لقد وصل التخبط والعبث السياسي مداه، وانفرط العقد الذي لمّ شمل محبي هذا الوطن بعد غيبوبة قسرية تعرض لها، وها نحن نعود إلى عهد التحالفات المشبوهة التي أوصلت الإخوان إلى الحكم، لنجد أن هناك قيادات من تحالف دعم الشرعية.
التقت بعض الائتلافات الثورية التي شاركت في «25 يناير و30 يونيو»، لتوحيد الرؤى والتظاهر تحت راية «إسقاط حكم العسكر»، في ذكرى 25 يناير المقبلة.. تحاورت هذه الأطراف مع بعضها على مدار شهرين متجاهلة اختلاف الأهداف والنوايا، بل دخلت في مرحلة النفاق الثوري والابتزاز السياسي، وتوصلت إلى اتفاقات دسمة لضرب استقرار هذا البلد.. فماذا يعني ذلك؟
هل يعني ذلك بداية الانشقاق وابتعاد الهدف بين القوى الثورية لصالح الإخوان؟ هل يعني ذلك نجاح مخطط الإخوان وتنظيمهم الدولي في شق الصف الوطني وزعزعة الاستقرار المجتمعي وانهيار الثقة المستردة بالجيش والشرطة؟
هل يعني ذلك انفراط عقد التحالف الوطني ضد مؤامرات الإخوان والعبث بمقدرات هذا الوطن، فمن تجمعوا في الثلاثين من يونيو لدحر حكم طاغٍ مستبد، انقسموا على أنفسهم، والبعض منهم يتصارع ويتناحر على اقتسام المكاسب وإشاعة الفوضى تحت مسميات عديدة؟
هل يعني ذلك استمرار المواطن في تجرع أخطاء الآخرين من دمه وحياته وقوت يومه وحرمانه من الإحساس بالأمن والأمان؟
ما يحدث الآن في الشوارع والميادين والجامعات ينذر بكارثة مجتمعية ستطال الجميع، تهدد أمن واستقرار مصر وتجعلنا نلفّ في دائرة مُفرغة من النزاعات والحروب الصغيرة التي ستستنزف قوانا وتقضي على ما تبقى من يقين، وتترك البلاد نهبًا لتفسيرات الغرب المغرضة وعيون المتربصين من كل تجاه، والأهم من ذلك ستقضي على حلم استقرار الدولة ونهضتها وإعادة بنائها في مرحلة حساسة، سيتم فيها الاستفتاء على الدستور واستكمال بنود خارطة الطريق.
نقلا عن المصرى اليوم