قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

"بشروا ولا تنفروا" يا وزير الصناعة


تعلمنا ممّن قبلنا وعلمنا مَنْ بعدَنا قصة المرأة التي وضعت إناءً على النار وقلّبت فيه الحجارة بالماء لتهيئة نفوس أطفالها الجوعى بأن الطعام في طريقه للتحضير.
المرأة البسيطة بالتأكيد كانت بفطرتها أذكى مما يتصوّر الكثيرون.. لقد هيئت الحالة النفسية للجوعى حتى جعلتهم يتناسون الجوع في انتظار الطعام الذي لم ولن يأتي قبل النوم، وبالتأكيد فإن المرأة كانت أذكى بمراحل من الوزير الجوكر الذي تشبثت باسمه 4 حكومات فشغل منصبين لا علاقة له بهما من قريب أو بعيد.. لكنها لعنة التكنوقراط في مجتمعات تحتاج الى غربلة سياسية كاملة.
الموضوع ياصديقي أنه في ظل هبوط مؤشر الاقتصاد الذي يتناسب طرديًا مع مؤشر الحالة النفسية للمواطن ، لم يتمالك الوزير "الجوكر" أن يحتفظ بمعلوماته القيمة لنفسه فراح يرمي بها في وجوه الشعب الغلبان.. الاقتصاد منهار، التضخم في ازدياد، عجز الموازنة مستمر، الدين العام يساوي 100 % من الناتج.. أفادكم الله سيادة الوزير.
ولأن الأطفال الجوعى توهموا بأن الحجارة بالإناء قطعًا من اللحم، فالمصريون أيضا كانوا متوهمين بأن 60 جنيهًا سعر الأنبوية "أزمة وهتعدي" ويافطة 17 جنيهًا لكيلو الفاصوليا "فوتوشوب" حتى صدمهم الوزير بالحقيقة الكاملة ظناً منه أنها مصارحة واجبة وأن "الكذب في عز الأزمة ذنب لا يغتفر"، لكنه لم يعلم أن المصريون يتشبثون بالأمل طالما منحته لهم الحكومة ويصدقون الوعود حتى وان لم تتحقق.
وإنه لمن المخزي أن يخرج وزير الصناعة ليبشر الشعب بأننا على حافة الإفلاس ، وهو يعلم أن أكثر من 25 مليون عامل في الدولة يعملون في انتظار آخر الشهر وهم على "فيض الكريم"، وأن نص كلمة من حضرته مضافة الى نص ساعة تأخر في صرف الرواتب سينقل هؤلاء من بيوتهم الى افتراش الطرقات أمام محال عملهم لقلة ثقتهم في الحكومة "المُفلسة".
ثم لماذا يصارحنا الوزير بفشل حكومته بينما لم يصارح نفسه فعليًا، ولم يتحرك لايجاد حلول وبدائل، وممن يطلب الوزير العمل الجاد للخروج من الأزمة في حين أن حكومته لا تعمل ، ولماذا الصبر على حكومة اعترفت بفشلها مرارا وتكرارا ، وأفرغت بطون وجيوب الشعب، ثم أفرغت ما لديه من بصيص أمل.
أعتقد أن المفلس الحقيقي هي الحكومة وليست مصر ، فالمسئولية الحقيقية هي "ابداع" قبل "المصارحة" ، في البلاد التي يعيش فيها المواطنون بدرجة إنسان، "انت مسئول اذن أنت مبدع"، كيف لك أن تواجه المشكلة بايجاد حل مبتكر، كيف لك أن تهيء النفوس للأفضل ، وان ترفع الروح المعنوية ونستنهض همة العمل لتدفع العجلة للدوران ، إنك لا تملك بين يديك جنيها أو دولارا ، ولكنك تملك نفوسا وسواعد فهيئها للعمل .. لعل الوزير يدرك ذلك.
أما عن المصريين الغلابة ، فكما قال المثل: "ياما دقت ع الراس طبول".. فالمصريون اعتادوا حياتهم كما هي وأحبوها بتقشفها واخترعوا نظريات للتسرية عن أنفسهم فلن تجد بلدًا في العالم فيه "لقمة هنية تكفي مية" أو "بصلة المحب خروف" أو "محدش بينام من غير عشا" أو "إصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب".. لن تجد ذلك إلا في مصر.