الانتخابات الرئاسية المصرية

جاء موعد الانتخابات الرئاسية في ظل تزايد الغضب حيال المجلس العسكري المصري والشرطة لإخفاقهما في التصدي لأعمال الشغب التي أودت بحياة 74 شخصاً في أعقاب مباراة لكرة القدم في بورسعيد. وتطالب الحركات الاحتجاجية بشكل رئيسي بإنهاء حكم المجلس العسكري في أسرع وقت ممكن. وهي تتهم المجلس العسكري بانتهاج نفس السياسات القمعية لنظام مبارك وبالرغبة في الحفاظ على الامتيازات الاقتصادية للجيش وخصوصاً عدم خضوع ميزانيته لرقابة برلمانية.
وكان المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى الحكم في مصر منذ الإطاحة بمبارك تحت وطأة ثورة شعبية استمرت 18 يوماً قبل إن تنتهي أخيرا بتنحيه في 11 فبراير الماضي، تعهد بإجراء انتخابات الرئاسة في موعد لا يتجاوز 30 يونيو المقبل ليتسلم الرئيس الجديد السلطة التنفيذية في يوليو.
وأعلنت عدة شخصيات مصرية عزمها على الترشح لانتخابات الرئاسة أبرزها الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى والمحامي الإسلامي سليم العوا والقيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين عبد المنعم أبو الفتوح الذي انشق عن الجماعة العام الماضي والقيادي السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل والقيادي الناصري حمدين صباحي.
وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين اكبر القوى السياسية في البلاد- وحصلت على نحو 47 بالمائة من مقاعد مجلس الشعب- أنها لن تقدم أي مرشح لانتخابات الرئاسة ولن تؤيد أي مرشح إسلامي وستدعم مرشحاً يكون محل "توافق وطني".
وتعيش مصر منذ الإطاحة بمبارك مرحلة انتقالية تتسم بالاضطراب والقلق. واشتعلت معركة انتخابات الرئاسة المصرية بإعلان الفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء لمصر في عهد الرئيس السابق مبارك ترشيح نفسه رسميا لانتخابات الرئاسة.
وكان أول رد فعل غاضب ثائر من هذا القرار من الدكتور محمد البرادعي الذي تخلي عن دبلوماسيته المعهودة تجاه منافسيه ووصف ترشيح شفيق بأنه علامة علي أن نظام مبارك لم يسقط بعد..! ودخول أحمد شفيق “70 عاما” السباق الرئاسي يعني أن مراحلها الحاسمة قد بدأت وأن الرئيس القادم لمصر لن يخرج عن الشخصيات المطروحة حاليا. فلم يعد في الوقت متسع للدفع بحصان أسود جديد.. كما أن استعراض كل الأسماء الموجودة علي الساحة السياسية لا يوحي بأن هناك شخصيات ما تستطيع أن تلفت الأنظار وتتقدم الباقين بخطوات أوسع..! ولن تقل معركة الرئاسة ضراوة وسخونة عن المعركة البرلمانية.
وستشهد حملات انتخابية رئاسية من نوع جديد ومختلف. وسيكون علي كل صحيفة أو مؤسسة إعلامية أن تحدد في أي صف ستقف ومن ستساند.. ولماذا.. أما الذين سيحاولون ادعاء الحياد في هذه الانتخابات فسيكونون بلا لون أو طعم.. إنها انتخابات تحديد المواقف والسياسات والدفاع عنها.. وإن كان الرئيس القادم قد بدأت تتضح ملامحه بعد أن وصلته “الإشارة” و”البشارة”. المرحلة القادمة.. مرحلة في منتهي الأهمية للحياة علي وطننا الغالي مصر.. لذا فإننا نريد رئيساً بروحين.. نعم رئيس يجمع في شخصيته روح الخبرة والحكمة والحنكة السياسية ويجمع أيضاً في شخصيته مع روح الخبرة روح الشباب بكل طموحاته وحيويته والقوة والتميز والقدرة علي الإنجاز حتى تعبر به مصر المرحلة القادمة مرحلة البناء والتعمير والتي يحب كل مصري ومصرية أن يبدأ بنفسه يعمل ويجتهد في عمله حتى نستطيع جميعاً وكقلب رجل واحد أن نعيد لمصر الحياة وأن تكون المرحلة القادمة من أزهي عصور التقدم فلا مجال من أجل حياة أفضل إلا للعمل البناء ولابد أن نوقف عمليات الهدم والتخريب فليس لها إلا كل الآثار الضارة والتي تحكم علي مصر بالدمار.. ولا تنس أن مصر جاء ذكرها في القرآن الكريم ومصر مليئة بالخير وإذا فكر كل منا في إتقان عمله مهما كان بسيطاً فإننا سنكون من أرقي الأمم وأفضلها فمصر تمتلك من العقول والقدرة علي العمل الكثير والكثير والشعب المصري من أفضل شعوب العالم وأكثرها قدرة علي العمل والابتكار والتقدم في جميع المجالات فعلينا الآن أن ننسي كل خلافاتنا وأن نعي بعقول واعية أهمية المرحلة القادمة في حياة بلادنا.. ملاذنا والحصن الدافئ والآمن لنا حقاً.. نتمنى لبلادنا في المرحلة القادمة أن تقتلع من الجذور كل معاول الهدم والتخريب والدمار لنعبر إلي أجمل وأرقي الفصول وأن ينسي كل مصري النوم في العسل فالعمل عبادة وبالعمل وحده نحقق المستحيل ونعبر إلي أفضل ما في مصر من خيرات، علينا أن نعمل في كل المجالات الزراعة والصناعة والسياحة والتعدين… الخ وفي خط واحد وباهتمام كبير حتى نصل إلي ما نريد من تقدم وازدهار، فالشعب المصري أطيب وأقدر شعوب الأرض علي البناء والتقدم. رغم ظهورهم المستمر عبر وسائل الإعلام المختلفة لكن للأسف الشديد لا يوجد أحد من مرشحي الرئاسة حتى الآن قدم لنا رؤية متكاملة عن مصر بعد 25 يناير، تلك الرؤية هي التي سوف تحدد من هو رئيس مصر القادم، فعلي من يرغب في شغل هذا المنصب أن تكون لديه رؤية محددة لمصر في المرحلة القادمة فهذه الرؤية تعتمد علي فهمه لطبيعة الشعب المصري لهذه المرحلة بشكل واقعي شامل لجميع طبقاته وتوجهاته. فما يحدث الآن في الانتخابات الرئاسية ما هو إلا صراع رخيص من أجل المنصب، وليست علي أي حال من الأحوال منافسة شريفة من أجل مستقبل أفضل لمصر، فتستطيع أن تحدد توجهات مرشحي الرئاسة من خلال عباراتهم والتي تتلخص في “أنا اللي فيهم والباقي سلطة” أو زوجتي ليست لها علاقة بالحكم أو سأقدم نظاماً جديداً ووضع بعض الرتوش.. تلك العبارات الكوميدية هي حال الانتخابات الرئاسية الآن ولن نتحدث عن تيارات الإخوان المسلمين الذي يقول لسان حاله ببساطة “متخفش بس أنت قرب وجرب” أي بمعني أننا سنترك الحال كما هو عليه الآن فلن نقترب من الفن أو الإخوة المسيحيين أو غيرهما من الشعارات واصح تعبير لما يحدث الآن هي أنها مهزلة كوميدية فشل إبطالها في تقديم فن الكوميديا وليست انتخابات رئاسية فلا يعقل أن يكون الجواب لمعظم مرشحي الرئاسة علي سؤال ماذا ستفعل لو أصبحت الرئيس فيقول: بمنتهي الثقة سأقضي علي البلطجة في مصر هذه هي الأولويات أنها من البديهيات فليس هناك أي نظام أيا كان غير قادر علي حماية مواطنيه وتأتي الإجابة المعجزة التالية علي سؤال ماذا ستفعل للمواطنين فيرد المرشح أيا كان اسمه حيث اجتمع معظم المرشحين علي سأبادر برفع المرتبات. أين الرؤيا السياسية والاقتصادية والاجتماعية أين البرنامج الموضوع من أجل رفع قيمة هذا البلد.. هذه الإجابات لا تنم عن أي شيء سوي محاولة مستفزة لابتزاز مشاعر الشعب الذي أصبح لديه من الوعي والإدراك علي أن يفرق ما بين طامع في السلطة وطامح لمصر في عهد جديد.. ربما وجهت انتقادات كثيرة لعهد جمال عبد الناصر والسادات وربما أثيرت تساؤلات كثيرة رغم اختلاف سياسة كل منهما إلا إننا مازلنا نكن لهما حبا رغم الاختلاف والإجابة ببساطة أن لكل من الزعيمين كانت له رؤية متكاملة لمصر داخلياً وخارجياً فعبد الناصر كان يطمح إلي الارتقاء بمستوي الشعب المصري وكان يطمح أيضا إلي الارتقاء بمصر إلي مستوي الزعامة بين الشعوب العربية وربما أتي النجاح بعد 40 عاما من وفاته عندما رفعت كل الشعوب العربية صور عبد الناصر في ثورتهم أما السادات فكان لديه الرؤية التي اتخذت اتجاهاً اقتصادياً ولا يستطيع أحد أن ينكر التحول الاقتصادي الذي حدث لمصر في عهد السادات وكانت لديه نفس الرؤية لمكانة مصر بين دول العالم أما في عهد مبارك فقد غابت الرؤية تماما وأصبح الكرسي هو المطمع والهدف. ونحن بدورنا نحذر أن يأتي رئيس لمصر لا يبغي سوي المنصب.