مصر معشوقة التاريخ

إنها الحقيقة الوحيدة الراسخة عبر الأيام.. الوادي الأخضر صانع الحياة ، والتاريخ العريق الذي يروي قصة البشرية بصياغة مصرية، ولكل منهما اليوم رسالة خاصة الي الشعب المصري ، فالتاريخ يطلب من المصريين الثبات وعدم التردد كي لا يقع هذا الجيل في نفس المنعطف الذي غرق فيه أجدادنا في بدايات القرن التاسع عشر حينما وقفوا امام العرش في حالة ذهول وخوف !! .
كان عرشا خاويا بلا حاكم وفي انتظار من يجلس عليه حينها ارتبك أصحاب الرأي والكلمة وعجزوا عن اختيار رجل مصري ليجلس علي العرش ، شعروا بالخوف وعدم الثبات بل وعدم الثقة في قدرتهم علي الحكم ، فأعطوا الفرصة خالصة وعلي طبق من ذهب للذئب الألباني محمد علي باشا ان يجلس علي العرش ويضيف فصلا جديدا من العبودية والاستبداد استمر لأكثر من 150 عاما ، إنها لحظة الاختيار التي دائماً ما نقف أمامها في حالة من الصمت والارتباك ، نفقد الثقة في انفسنا في لحظات تاريخية لا تحتمل سوي الثقة والثبات كي نعبر بمصر من نفق الظلام.
وها نحن نقف اليوم امام العرش العريق الذي يطلب رجلا حكيما ليجلس عليه ويقود الدفة ، الكل يبحث عن المجد الكامن خلف العرش ولا احد يدرك انه لم يعد هناك مجد او نفوذ او ثروة بل هي مسئولية تاريخية ثقيلة لا يصلح لها الا من ولد من اجلها.. رسالة التاريخ واضحة وثابتة "لا تطلبوا ما لأنفسكم بل ما هو صالح وفاعل لعاطرة الذكر وشعبها العظيم".
والآن لنلقي نظرة علي خريطة مصر لنري العجب من شعب مصر الذي يعيش علي طول الوادي القديم متجاهلا بشكل كامل ثروات وكنوز الوادي الجديد ، في قديم الزمان كانت صحراء مصر الغربية واحة خضراء تدب فيها الحياة الا أنها اليوم مجرد تلال من الرمال تكمن أسفلها أعظم الكنوز الطبيعية علي وجه الارض ، يصرخ المصريون من ضيق اليد وقوت الحياة وضنق المعيشة بينما كنز الكنوز يكمن تحت أقدامهم دون ان يشعروا به او ينظروا اليه ، وهذا ليس غريبا علي إنسان يعيش وسط انقاض التاريخ ولا يتفاعل معها أبدا ، إنها الروح السلبية التي أصابت الوجدان المصري بل وقامت بتحطيم أركانه الحضارية وركائزه التاريخية علي مدار أكثر من 2000 سنة .
وقد شاء القدر ان يكون لهذا الجيل اليد العلي في تحطيم هذا الحاجز الجبار. والانطلاق بمصر الي مستقبل جديد ، إنها رسالة الوادي الجديد لكل مصري ، أما الرسالة الأخيرة فهي مني انا شخصيا الي هؤلاء الذين أطلق عليهم " الهاربون الي العرش " اعلموا ان عرش مصر اليوم هو بيت الرعب الذي يماثل "جب القلعة " هذا البئر المرعب الذي كان موجودا داخل قلعة القاهرة وكل من يدخله كان يخرج منه مختلا عقليا او جثة هامدة ، ارحموا أنفسكم قبل ان تسقطوا في الجب ، فالذي تتصارعون من أجله لم يعد له وجود وسوف يكون الحساب عسيرا فالعرش المصري اليوم لا يجلس عليه سوي الأبطال فقط .
وأخيرا الي قلب كل مصري عاشق لتراب وادي النيل وعظمة اسم مصر "علينا ان نسحق انفسنا ونعمل جميعا في نقاء وشفافية من اجل الأجيال القادمة فقد كتب علينا التاريخ ان نكون نحن أولاد هذا الجيل نقطة الارتكاز المركزية لتنمية فكر وثقافة ووجدان الأجيال القادمة.