قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ابتلاءات الحياة وكيفية مواجهة الإنسان لها


"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين" سورة البقرة: آية 155: مدنية
يحدثنا الله تعالى فى هذه الآية، أن مجرد البلاء ليس شراً ولكن الشر هو أن تسقط فى الابتلاء فكل ابتلاء يمر بالإنسان هو اختبار وامتحان ولم يقل أحد إن الامتحانات شر بل إنها تصير شراً من وجهة نظر الذى لم يتحمل مشاق العمل للوصل إلى النجاح، أما الذى بذل الجهد وفاز فالامتحانات خير بالنسبة له.
ذكر الله تعالى قبل هذه الآية قمة الابتلاءات وهى أن يفقد الإنسان حياته فى سبيل الله، فأراد الله أن يعطى للمؤمنون مناعة فيما دون الحياة من الخوف والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات، وكل ما دون الحياة هو أمر ترفى بالنسبة لفقد الحياة نفسها فمن لم يفقد حياته فستأتى له ابتلاءات فيما دون حياته فيأتى التكليف ليطلب من المؤمن أن يترك بعض مما يحب.
وأول تلك الابتلاءات هو الخوف ومعناه انزعاج النفس وعدم اطمئنانها من توقع شىء ضار، فالنفس لها ملكات متعددة وعندما يصيبها الخوف فهى تعانى من عدم الانسجام فالذى يخاف من الخوف نقول له: أنت مُعين لمصدر الخوف على نفسك وخوفك وانزعاجك لن يمنعا الخوف، ولذلك لابد من أن تنشغل بما يمنع الأمر المُخوف ودع الأمر المُخوف إلى أن يقع فلا تعيش فى فزعه قبل أن يأتيك، فلماذا تُطيل من عمر المصيبة بالتوجس منها والرهبه من مواجهتها؟ فلو تركتها إلى أن تقع تكون قد قصرت مسافتها فالله تعالى يُنَزل علينا برحمته اللطف ساعة نزول المصيبة فإن عشت فى المصيبة قبل أن تقع فأنت تعيش فى المصيبة وحدها دون الطف المصاحب لها.
ونقول هنا ما المراد من المؤمن حين يواجه ابتلاء الخوف؟ نجيب بأن عليه أن يجعل من الخوف ذريعة لاستكمال الأسباب التى تمنع من وقوع الأمر المخوف فإن صنع ذلك يكون قد نجح فى هذا الابتلاء.
أما الابتلاء الثانى فى هذه الآية، فهو الجوع فإن الجوع شهوة غالبة إلى الطعام وهو ضرورى لاستبقاء الحياة، فإن من رحمة الله بالإنسان أنه ضمن له فى ذاته غذاء يدخرة فى وقت رخائه لينفعه وقت شدته، فالإنسان يحتفظ بالغذاء الزائد على صورة شحم ولحم وحين يجوع ولايجد طعاماً فهو يأخذ من هذا الشحم فإذا انتهى فهو يأخذ من اللحم فإذا انتهى يأخذ الجسم غذاءَه من العظم من أجل أن يستبقى الإنسان الحياة.
فابتلاء الجوع هو أن تصبر على الضرورى من الطعام الذى يقيم لك الحياة، وأنت تأكله كوقود لحركة الحياة ولا تأكله التذاذاً وحين يقتات الإنسان ليضمن لنفسه وقود الحياة فأى طعام يكفيه ولذلك شرع الله الصوم لنصبر على أذى الجوع.
أما الابتلاء الثالث فى الآية هو نقص الأموال فمصدره أن المؤمنين سينشغلون عن حياتهم بأمر الدعوة وإذا ما أنشغلوا عن حركة الحياة بمواجهة العدو فسيضطرون إلى التضحية بحركة الحياة التى تنتج المال، ولذلك تنقص وأيضاً قد يستشهد منهم عدد ثم يواجهون نقص الثمرات وهى الغاية من كل عمل.
وما أكثر وقوع هذه الابتلاءات فى زمننا هذا لذلك فإن الله أراد أن يُعد المؤمن إعداداً كاملاً لمواجهة هذه الابتلاءات والصبر عليها فإذا نجحنا فى الاختبار تكون لنا البشرى وليعلم الإنسان أن الحياة معبر فلا يشغلنا المعبر عن الغاية.