مسئول بالموساد: التجسس الإسرائيلي على مباحثات الاتفاق النووي الإيراني يفجر أزمة مع واشنطن

بعد الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق الإطارى بين إيران والغرب بشأن برنامج إيران النووى واعتبار طهران أن الاتفاق انتصار لها واعتبار إسرائيل أن الاتفاق "تهديد استراتيجى" لها وهو ما أعلنه نتنياهو، تمر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية حاليا بأزمة مرشحة للتفاقم بعد التقارير التى كشفت عن قيام المخابرات الإسرائيلية "موساد" بالتجسس على المفاوضات السرية وكل الاتصالات الأمريكية الإيرانية بشأن الاتفاق الإطارى النووى مع إيران هذا الأسبوع.
وقال مسئول فى الموساد لمجلة "نيوزويك" الأمريكية هذا الأسبوع إن مواجهة محتدمة بين واشنطن وتل أبيب بشأن أنشطة التجسس الإسرائيلية على اتصالات ومفاوضات واشنطن ومجموعة الخمسة مع الإيرانيين ستحدث وأن الأنشطة الإسرائيلية التجسسية على المحادثات "لن تمر مرور الكرام".
من جانبها، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن "المخابرات الإسرائيلية استطاعت اختراق المحادثات السرية بين الأمريكيين والإيرانيين، وذلك بهدف إفساد تلك المحادثات والتأثير على مواقف مجموعة 5 + 1 التى تعبر عن الأعضاء الخمسة الدائمين فى مجلس الأمن الدولى + ألمانيا فى مفاوضاتهم مع إيران بشأن البرنامج النووى الإيرانى.
وتعد فضيحة التجسس الإسرائيلية على الاتصالات الأمريكية الإيرانية هى الأحدث فى مسلسل عمليات تجسس عدوانية تقوم بها إسرائيل على الولايات المتحدة تم الكشف عنها فى العام 2014 واتهمت الإدارة الأمريكية وأجهزتها الأمنية آنذاك الإسرائيليين بتجاوز الخطوط الحمراء فى أنشطة مخابراتهم داخل الولايات المتحدة والمصالح الأمريكية وتجاوزها تلك الأنشطة العادية للمخابرات الأمريكية المرصودة فى دول حليفة للولايات المتحدة مثل بريطانيا واليابان، وعلى ضوء ذلك قلصت الإدارة الأمريكية إصدار تأشيرات دخول لعناصر المخابرات الإسرائيلية الذين يتخذون ساترا دبلوماسيا لأنشطتهم.
وذكرت مصادر إخبارية أمريكية أن نشاط الموساد الإسرائيلى لاختراق المحادثات السرية بين واشنطن وطهران حول الملف النووى والسعى إلى إفشالها جاء فى أعقاب أوامر أصدرها الرئيس الأمريكى باراك أوباما أواخر العام الماضى للمخابرات المركزية "سى أى أيه"، بتنفيذ عمليات مكافحة تجسس ضد تل أبيب لمعرفة حجم المعلومات التى حصلت عليها المخابرات الإسرائيلية بشأن الاتصالات الأمريكية الإيرانية حول الملف النووى.
وطبقا لـ"وول ستريت جورنال"، تأكد للمخابرات الأمريكية المركزية امتلاك إسرائيل لمعظم المعلومات التفصيلية عن الاتصالات الإيرانية الأمريكية النووية، وأنه تم للإسرائيليين الحصول عليها من خلال التجسس والتنصت على أطراف كانت طرفا فى تلك الاتصالات السرية، واستخدام تلك المعلومات فى التأثير على مواقف أعضاء فى مجلسى الشيوخ والنواب الأمريكى ممن يعارضون المفاوضة بين واشنطن وطهران وإمدادهم بالحجج والمعلومات السرية التى تعزز من مواقفهم الرافضة للتقارب الأمريكى الإيرانى، وهو الموقف ذاته التى تتبناه حكومة نتنياهو.
وكان نتنياهو زار الولايات المتحدة خلال مارس الماضى وألقى كلمة أمام أعضاء الكونجرس الأمريكى نبههم فيها إلى خطورة السماح لإيران بامتلاك القدرة النووية باعتباره سماحا لها بامتلاك قنبلة نووية، وبعد خطاب نتنياهو بساعات أرسل 47 من أعضاء الكونجرس الأمريكى مذكرة جماعية إلى الرئيس الأمريكى باراك أوباما يحذرونه فيها من إبرام أى اتفاق نووى مع إيران.
وفى باريس، قال يوفال شتانيتز، وزير المخابرات فى الحكومة الإسرائيلية، إنه يعارض أية اتفاقات غربية إيرانية بشأن برنامج إيران النووى وإنه جاء إلى باريس لإجراء مقابلات مع المفاوضين من فرنسا وبريطانيا ضمن مجموعة 5 + 1 التى تفاوض الإيرانيين ونقل تحفظات تل أبيب على اتفاق من هذا النوع مع إيران وعلى المسلك الغربى برمته فى التعاون مع هذا البلد.
ويقول المراقبون إن الاتفاق النووى الذى تسعى إليه القوى الغربية مع إيران هو فى مجمله العام اتفاق يستهدف الحد من القدرة النووية على امتلاك أسلحة نووية فى مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية القاسية المفروضة على إيران، وقد اتفق الإيرانيون مع الغرب على الإبقاء على تفاصيل هذا الاتفاق "سرا" لإبعاده عن مسارات التأثير السلبى الخارجية التى قد تحول دون التوصل إليه فى حين ترى تل أبيب أن بناء اتفاق على هذا الأساس لن يضمن بشكل كاف إعاقة محاولات إيران مستقبلا لبناء قنابل نووية من خلال برنامجها.
من جانبه، نفى المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى صحة التقارير الإخبارية والصحفية التى تحدثت عن تجسس إسرائيلى على الاتصالات الأمريكية الإيرانية، وقال إن تل أبيب لا تتجسس على الولايات المتحدة أو حلفائها وأن ما نشر فى هذا الصدد لا يهدف إلا إلى إحداث شرخ فى العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، وأشار إلى أن ما حصلت عليه إسرائيل من معلومات عن تلك الاتصالات إنما تم من خلال التجسس على أنشطة الإيرانيين ومتابعتها ومتابعة تحركات واتصالات المسئولين الإيرانيين باعتبارها دولة عدو لإسرائيل ومن واجب المخابرات الإسرائيلية معرفة كل شىء عنها.
أما الرئيس الأمريكى نفسه، فقد أكد استحالة أن يعلق – خلال مؤتمر صحفى فى مقر الكونجرس الأمريكى – على أعمال المخابرات لما لها من سرية، لكنه أكد أن أي اتفاق نووى يتم إبرامه مع إيران سيعامل بكل الشفافية الواجبة، أما جين باسكان، الناطقة باسم البيت الأبيض، فقد أكدت أن منهج المكاشفة كان حاكما لجميع مراحل المفاوضة الإيرانية الغربية بشأن الملف النووى الإيرانى منذ بدء تلك العملية فى العام 2013.
ويتوقع المراقبون إبرام اتفاق نووى بين إيران والغرب بحلول نهاية يونيو المقبل وأن معالم هذا الاتفاق تتشكل حاليا، وهو ما تحاول المخابرات الإسرائيلية الوصول إليه برغم تأكيدات موشيه يعلون، وزير الدفاع الإسرائيلى - وبكل الثقة - استحالة قيام تل أبيب بأنشطة تجسس ضد الولايات المتحدة الأمريكية.