الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سيدنا «إدريس».. رابع الأنبياء وأول من خط بالقلم واشتغل بالسياسة المدنية

صدى البلد

سيدنا "إدريس"، هو أحد الأنبياء الكرام الذين أخبر الله عنهم في كتابه العزيز، فهو رابع نبي للبشرية بعد آنوش وشيث وآدم -عليهم السلام، وهو ممن يجب الإيمان بهم تفصيلا، أي يجب اعتقاد نبوته على سبيل القطع والجزم لأن القرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوة والصديقية.
ذكره القرآن الكريم باسمه في سورة مريم، فى الآيتين 56 و57 حيث قال تعالى:«وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا».
رابع الأنبياء وأول من أعطى النبوة بعد شيث وآدم
نسبه كما ورد في التوراة هو «أخنوخ» بن يارد بن مهلاييل بن قينن بن أنوش بن شيث بن آدم كما في «سفر التكوين»، وقيل: هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه إلى شيث بن آدم واسمه عند العبرانيين «خنوخ»، وفي الترجمة العربية «أخنوخ» وهو من أجداد نوح.
وهو أول بني آدم أعطي النبوة بعد آدم وشيث -عليهما السلام- وذكر «ابن إسحاق»: "أنه أول من خط بالقلم وقد أدرك من حياة آدم 308 سنة"، وقد قال طائفة من الناس أنه المشار الية في حديث معاوية بن الحكم السلمي لما سأل الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- عن الخط بالرمل فقال: «إنه كان نبي يخط به فمن وافق خطه فذاك»، ولقد رأى النبى –صلى الله عليه وسلم- سيدنا إدريس –عليه السلام- في السماء الرابعة أثناء المعراج في رحلة الإسراء والمعراج، كما ثبت في الصحيحين.
وقد اختلف العلماء في مولده ونشأته، قال بعضهم إنه ولد في «فلسطين»، وقال بعضهم: إن سيدنا إدريس ولد في «بابل»، وقال آخرون: إنه ولد في «مصر»، وقيل غير ذلك، وقد أخذ في أول عمره بعلم «شيث بن آدم»، وقد أدرك من حياة آدم 308 سنوات لأن آدم -عليه السلام- كان عمره طويلا قرابة ألف سنة.
ولما كبر آتاه الله النبوة فنهى المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة «آدم وشيث» فأطاعه نفر قليل، وخالفه جمع غفير، فنوى الرحيل عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم فقالوا له، وأين نجد إذا رحلنا مثل بابل؟ فقال: الله رزقنا هاهنا وهو رازقنا غيره، فخرج وخرجوا حتى وصلوا إلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف على النيل وسبح الله، وأقام إدريس ومن معه يدعو الناس إلى الله وإلى مكارم الأخلاق، وقد كانت مدة إقامة سيدنا إدريس في الأرض 82 سنة.
وكانت له مواعظ وآداب فقد دعا إلى دين الله، وإلى عبادة الخالق جل وعلا، وتخليص النفوس من العذاب في الآخرة، بالعمل الصالح في الدنيا وحض على الزهد في هذه الدنيا الفانية، وأمرهم بالصلاة والصيام والزكاة وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة، وحرم المسكر من كل شي من المشروبات وشدد فيه أعظم تشديد وقيل إنه كان في زمانه 72 لسانا يتكلم الناس بها وقد علمه الله منطقهم جميعا ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم.
أول من خط بالقلم وانشأ 188 مدينة
وهو أول من علم السياسة المدنية، ورسم لقومه قواعد تمدين المدن، فبنت كل فرقة من الأمم مدنا في أرضها وأنشئت في زمانه 188 مدينة، ويعتقد بأنه أول من خط بالقلم ودون الصحف التي أنزلت عليه من الله وأنه أول من خاط الثياب البيض زي الصابئة ولبسها.
وقد اشتهر بالحكمة فمن حكمه قوله: «خير الدنيا حسرة، وشرها ندم»، ومن اقواله أيضاً «السعيد من نظر إلى نفسه وشفاعته عند ربه أعماله الصالحة»، ومنها«الصبر مع الإيمان يورث الظفر».
اختلاف حول وفاته
وقد أختلفوا حول وفاته، فعن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعباً وأنا حاضر فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس «وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً»؟ فقال كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه: أني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم - لعله من أهل زمانه - فأحب ادريس أن يزداد عملاً، فأتاه خليل له من الملائكة، فقال له ادريس: إن الله أوحى إلي كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً، فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس.
فقال: وأين إدريس؟ قال : هو ذا على ظهري، فقال ملك الموت: يا للعجب! بُعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟! فقبض روحه هناك، فذلك قول الله عز وجل «وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً».
وعن ابن عباس في قوله:«وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً»: رفع إلى السماء السادسة فمات بها، وهكذا قال الضحاك، والحديث المتفق عليه من أنه في السماء الرابعة أصح، وهو قول مجاهد وغير واحد، وقال الحسن البصري: أنه –عليه السلام- رفعه الله إلى الجنة.
وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: «وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا»، قال: سيدنا إدريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى، إن أراد أنه لم يمت إلى الآن ففي هذا نظر، وإن أراد أنه رفع حيا إلى السماء ثم قبض هناك فلا ينافي ما تقدم عن كعب الأحبار.