قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

بالصور.. أول بيت سكن فيه النبي الكريم بالمدينة المنورة


مارس كفار مكة، أشد أنواع العذاب مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وخصوصاً المستضعفين منهم، ليرجعوا بعد توحيد الله تعالى إلى عبادة الأوثان.
وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة، -بعد ثلاث عشرة سنة من البعثة وهو ابن ثلاث وخمسين سنة- فأخذوا يغادرون مكة متسللين منها خفية، فرادى وجماعات، خشية أن تعلم قريش بأمرهم فتمنعهم من ذلك، تاركين وراءهم كل ما يملكون من بيوت وأموال وتجارة، فرارا بدينهم وعقيدتهم. وبقي النبي في مكة.
وبقي أبو بكر الصديق، وعلى بن أبي طالب رضي الله عنهما، أما علي؛ فقد كلفه رسول الله بمهام يقوم بها. وعندما بدء الصحابة بالهجرة جاء أبو بكر الصديق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه بالخروج إلى المدينة المنورة، ولكن رسول الله استبقاه قائلا: «لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا» فطمع أبو بكر أن يكون هو صاحبة فاشترى ناقتين وأعدهما، ودفعهما إلى عبد الله بن أريقط الذي كان استأجره كي تكون جاهزتين إذا حانت الساعة لذلك.
هاجر الرسول إلى المدينة المنورة، مع أبي بكر الصديق بما عرف بـ"عام الهجرة"، وفشلت محاولات قريش في تتبعه وإعادته وتجلت عناية الله في الطريق وشهدت بذلك "أم معبد" كما شهد سراقة بن مالك المدلجي حتى وصل إلى المدينة المنورة فاستقبل بفرح المؤمنين، وأنشد الأنصار: طلع البدر علينا، وأقام مسجد قباء، وحمل فيه الحجارة مع أصحابه، وآخى بين المهاجرين والأنصار، ووضع ميثاقا عظيما لتنظيم العلاقة بين المقيمين من المهاجرين والأنصار واليهود في المدينة المنورة وظهرت آثار الهجرة في مجالات التأسيس للدولة والأمة.
لما بلغ النبي عليه الصلاة والسلام المدينة تلقته أفئدة أهلها بأكرم ما يتلقى به وافد، وتطلعت إليه عيونهم تبثه شوق الحبيب إلى حبيبه، وفتحوا له قلوبهم ليحل منها في السويداء، وأشرعوا له أبواب بيوتهم لينزل فيها أعز منزل.
لكن الرسول صلوات الله عليه، قضى في قباء من ضواحي المدينة أياما أربعة، بنى خلالها مسجده الذي هو أول مسجد أسس على التقوى. ثم خرج منها راكبا ناقته، فوقف سادات يثرب في طريقها، كل يريد أن يظفر بشرف نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، وكانوا يعترضون الناقة سيدا إثر سيد، ويقولون: أقم عندنا يارسول الله في العَدَدِ والعُدَدِ والمَنَعَةِ.فيقول لهم: (دعوها فإنها مأمورة).
وتظل الناقة تمضي إلى غايتها تتبعها العيون، وتحف بها القلوب، فإذا جازت منزلا حزن أهله وأصابهم اليأس، بينما يشرق الأمل في نفوس من يليهم.
وما زالت الناقة على حالها هذه، والناس يمضون في إثرها، وهم يتلهفون شوقا لمعرفة السعيد المحظوظ حتى بلغت ساحة خلاء أمام بيت أبي أيوب الأنصاري، وبركت فيها، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لم ينزل عنها، فما لبثت أن وثبت وانطلقت تمشي، والرسول مرخ لها زمامها، ثم ما لبثت أن عادت أدراجها وبركت في مبركها الأول.
عند ذلك غمرت الفرحة فؤاد أبي أيوب الأنصاري، وبادر إلى رسول الله صلوات الله عليه يرحب به، وحمل متاعه بين يديه، وكأنما يحمل كنوز الدنيا كلها ومضى به إلى بيته.
وكان منزل أبي أيوب يتألف من طبقة فوقها عُلِّيَّة، فأخلى العُلِّيةَ من متاعه ومتاع أهله لينزل فيها رسول الله لكن النبي عليه الصلاة والسلام آثر عليها الطبقة السفلى، فامتثل أبو أيوب لأمره، وأنزله حيث أحب.
ولما أقبل الليل، وأوَى الرسول صلوات الله عليه إلى فراشه، صعد أبو أيوب وزوجه إلى العُلِّيَّةِ وما إن أغلقا عليهما بابها حتى التفت أبو أيوب إلى زوجته وقال: ويحك، ماذا صنعنا؟ أيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفل، ونحن أعلى منه.
أنمشي فوق رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنصير بين النبي والوحي إنا إذن لهالكون. وسُقِطَ في أيدي الزوجين وهما لا يدريان ما يفعلان. ولم تسكن نفسهما بعض السكون إلا حين انحازا إلى جانب العلية الذي لا يقع فوق رسول الله صلى الله عليه و سلم، والتزماه لا يبرحانه إلا ماشيين على الأطراف متباعدين عن الوسط.
فلما أصبح أبو أيوب؛ قال للنبي عليه الصلاة والسلام: والله ما أُغمِضَ لنا جفن في هذه الليلة لا أنا ولا أُم أيوب. فقال عليه الصلاة والسلام: ( ومم ذاك يا أبا أيوب ).
قال: ذكرت أني على ظهر بيت أنت تحته، وأني إذا تحركت تناثر عليك الغبار فآذاك، ثم إني غدوت بينك وبين الوحي. فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: (هون عليك يا أبا أيوب، إنه أرفق بنا أن نكون في السفل ، لكثرة من يغشانا من الناس).
قال أبو أيوب: فامتثلت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن كانت ليلة باردة فانكسرت لنا جرة وأُريق ماؤها في العلية، فقمت إلى الماء أنا وأم أيوب، وليس لدينا إلا قطيفة كنا نتخذها لحافا، وجعلنا ننشف بها الماء خوفا من أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما كان الصباح غدوت إلى الرسول صلوات الله عليه، وقلت: بأبي أنت وأمي، إني أكره أن أكون فوقك، وأن تكون أسفل مني، ثم قصصت عليه خبر الجرة، فاستجاب لي، وصعد إلى العلية، و نزلت أنا وأم أيوب إلى السُّفلِ.
أقام النبي عليه الصلاة والسلام في بيت أبي أيوب نحو سبعة أشهر، حتى تم بناء مسجده في الأرض الخلاء التي بركت فيها الناقة، فانتقل إلى الحُجُراتِ التي أقيمت حول المسجد له ولأزواجه، فَغَدا جارا لأبي أيوب، أكرِم بهما من متجاورين.