قصة «العنكبوت والحمامتين» أمام الغار شاع ذكرها في كتب السيرة.. وأفتى العلماء بضعف روايتها

البحوث الإسلامية: روايات العنكبوت والحمامتين أمام غار ثور غير مؤكدة
علي جمعة: اليمامة وخيوط العنكبوت أمام الغار روايات ليس لها سند
محمود المصري: الكفار لم يشاهدوا النبي بفضل الله وليس العنكبوت
أكثر ما شاع في روايات السيرة النبوية في الهجرة النبوية، قصة نسيج العنكبوت والحمامتين في الغار، فهل وردت أخبار صحيحة حول قصة العنكبوت والحمامتين في غار ثور.
أكد علماء الدين، أن هذه الروايات ضعيفة وغير مؤكدة، وذكرت في كتب السيرة على سبيل الإعجاز، مشددين على أنه لا يوجد نص يدل على وجود بيض حمام أمام غار ثور، كما اختلفت الروايات عند عدد الحمام فقيل واحدة واثنتان.
من جانبه، قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن قصة العنكبوت والحمامتين أمام غار ثور أثناء الهجرة روايات غيرة مؤكدة ذكرت في كتب السيرة على سبيل الإعجاز وقدرة الله تعالى على تضليل المشركين.
وأضاف الجندي لـ«صدى البلد» أن قصة نسج العنكبوت أمام غار ثور مروية من طرق، وقد ضعفها بعض المحدثين وحسنها بعضهم، وممن ضعفها الألباني، وممن حسنها الحافظان ابن كثير وابن حجر.
وأشار المفكر الإسلامي، إلى أنه لم يرد نص يدل على أنه كان أمام غار ثور بيض الحمامتين، مشيرًا إلى أن الروايات اختلفت حول عدد الحمام، فقيل اثنتان وثلاث وقيل واحدة.
وأكد أن القرآن الكريم لم يذكر وجود عنكبوت أو حمام أمام غار ثور، كما في قوله تعالى: «إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» التوبة 40.
ونوه بأن هناك دروسًا مستفادة من الهجرة النبوية فى وقتنا الحاضر تتمثل فى أخذ الدروس والعبر التى كان عليها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونستدعيها مرة أخرى، فيجب علينا ألا نجعل الاستفادة من هذه الذكرى العظيمة بالكلمات والإشادة بالعبارات فقط، فعلى المسلمين أن يطبقوا منهج الرحلة النبوية فى حياتنا لبناء مجتمع فاضل ودولة قوية تتقدم على غيرها من الدول.
وشدد على ضرورة التخلص من أمراضنا الاجتماعية، خصوصا الأخلاقية التى تدنت فى الفترة الأخيرة والتحلي بالمبادئ العظيمة التي أقرتها الهجرة النبوية من الأخوة والمساواة التى جاءت بها السنة الشريفة.
ولفت عضو مجمع البحوث الإسلامية إلى أنه علينا أن نتخذ الهجرة النبوية خطة ومنهجا لسلوكنا بانتمائنا لوطننا لأن حب الوطن هو نصرة لدين الله فى الأرض، وأكد أنه ينبغي علينا أن نجعل نصرة الوطن واقعا حيا فى حياتنا، وهذا يعد أبلغ درس وعظة من هجرة النبى -صلى الله عليه وسلم-.
بدوره، قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن وجود اليمامة التى تبيض وخيوط العنكبوت أمام غار ثور الذى اختبأ فيه سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر الصديق –رضى الله عنه- عندما هاجرًا من مكة إلى المدينة تعد من الروايات التى لا سند على صحتها فى الهجرة النبوية.
وأكد «جمعة» أن هذه الرواية ظهرت مع الإمام الحلبى فى كتابه «إنسان العيون فى سيرة الأمين المأمون» ولا نجد لها سندًا فى وقتنا الحالى، مضيفا أن هذه الرواية من الممكن أنها كان لها سند فى الماضى ولكنه ضاع الآن.
وفي السياق نفسه، أوضح الشيخ محمود المصري، الداعية الإسلامي، أن القصة المشهورة لنسج العنكبوت ووجود حمامتين في قصة الهجرة أمام غار ثور، لم يُجمع عليها العلماء ولا جمهورهم ولم يذكرها سوى الحافظ بن كثير في كتابه “البداية والنهاية” وسندها ضعيف.
ونوه «المصري» بأن وجود العنكبوت والحمامتين مُنافٍ للمعجزة النبوية، مشددًا على أن قمة المعجزة ليس إخفاء النبي صلى الله عليه وسلم من قريش لكن أن يأتي كفار قريش للنبي الكريم في مخبأه وبرغم ذلك لا يروه بعيونهم.