الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سبب تقديم «بر الوالدين» على الجهاد فى حديث «أحب الأعمال إلى الله»

صدى البلد

ورد الكثير من الأحاديث النبوية الشريف التى تحث على بر الأم لفضلها على أبنائها، وجعل الله تعالى ورسوله الكريم جزاء من يبر أمه هو الجنة، فكان بر الأم أعظم من الجهاد كما ورد فى أحاديث الرسول ومنها: ما رود عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه- قَالَ: «سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا، قَالَت: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، قَالَ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ»، رواه البخارى.
أورد الإمام ابن حجر العسقلانى فى كتابه "فتح البارى لشرح صحيح البخارى" أن معنى قول « أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟»، في رواية مالك بن مغول ‏«أي العمل أفضل»، ومحصل ما أجاب به العلماء عن هذا الحديث وغيره مما اختلفت فيه الأجوبة بأنه أفضل الأعمال، أن الجواب اختلف لاختلاف أحوال السائلين بأن أعلم كل قوم بما يحتاجون إليه، أو بما لهم فيه رغبة، أو بما هو لائق بهم، أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات بأن يكون العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره، فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضل الأعمال لأنه الوسيلة إلى القيام بها والتمكن من أدائها.
وتابع: «وقد تضافرت النصوص على أن الصلاة أفضل من الصدقة، ومع ذلك ففي وقت مواساة المضطر تكون الصدقة أفضل، أو أن ‏"‏أفضل‏"‏ ليست على بابها بل المراد بها الفضل المطلق، أو المراد من أفضل الأعمال، وقال ابن دقيق العيد‏:‏ الأعمال في هذا الحديث محمولة على البدنية، وأراد بذلك الاحتراز عن الإيمان لأنه من أعمال القلوب، فلا تعارض حينئذ بينه وبين حديث أبي هريرة ‏"‏ أفضل الأعمال إيمان بالله"»، وقال غيره‏:‏ المراد بالجهاد هنا ما ليس بفرض عين، لأنه يتوقف على إذن الوالدين فيكون برهما مقدما عليه‏.‏
وبين ابن حجر فى شرح الحديث أن معنى قول سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-‏«الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا» قال ابن بطال: فيه أن البدار إلى الصلاة في أول أوقاتها أفضل من التراخي فيها لأنه إنما شرط فيها أن تكون أحب الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب‏، قيل المراد منها تحقق دخول الوقت ليقع الأداء فيه‏، وقوله « ثُمَّ أَيٌّ ؟»، أى والتقدير‏:‏ ثم أي العمل أحب‏؟‏».
وأوضح ابن حجر أن المقصود من قول النبى: ‏«‏ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ» قال بعض العلماء‏:‏ هذا الحديث موافق لقوله تعالى: «أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ»، وكأنه أخذه من تفسير ابن عيينة حيث قال‏:‏ من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله، ومن دعا لوالديه عقبها فقد شكر لهما‏.‏
ولفت ابن حجر إلى أن في الحديث فضل تعظيم الوالدين، وأن أعمال البر يفضل بعضها على بعض‏، ‏وقال ابن بزيزة‏:‏ الذي يقتضيه النظر تقدم الجهاد على جميع أعمال البدن، لأن فيه بذل النفس، إلا أن الصبر على المحافظة على الصلوات وأدائها في أوقاتها والمحافظة على بر الوالدين أمر لازم متكرر دائم لا يصبر على مراقبة أمر الله فيه إلا الصديقون.