قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

مشاهد من قصة إبراهيم


تناوبت الأقلام و تنافست العقول تبيانا للإعجاز القرآني الفريد ؛ فكثر الإنتاج الفكري في ذلك؛ ونمى التراث الإسلامي... و لعل ذلك ما دفعني إلى التنقيب باحثا عن الأثر الذي يرسخه القرآن الكريم عند سماع آية من آياته المباركات.
فقد وجدت في آي الذكر الحكيم صورا مجسدة تارة و شاخصة تارة أخرى تحيل المعاني المجردة إلى حراك في نفسية السامع تجعله أكثر فاعلية مع معانيه و مراميه ، و الأدلة على ذلك كثيرة...
ففي قصة سيدنا إبراهيم – عليه السلام - حينما اجتمع أهل الشرك والضلال و أعدوا له نارا هائلة بمفاهيمها المادية؛ عقابا له على ما فعله بأصنامهم المؤله... يتجسد في ذهني مشهد الاجتماع وإعداد النار ، و إبراهيم عليه السلام بمفرده لا يملك إلا قوله : "حسبي الله ونعم الوكيل"،كلمات فيها تفويض للحق - سبحانه و تعالى - للحماية والنصرة ، مقولة لا يعقبها إلا تأييد ونصر من عند الخالق جلا و علا ، و دليلي على ذلك أني سمعت الله يقول: (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174 -آل عمران}
بعد قوله تعالى: (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173- آل عمران )
كلمات تحمل كل أسباب اليقين بالله و الإيمان بأن النصرة و النجاة آتية لا محالة.
و يتجسد هذا المشهد الجلل الذي يحرك الألباب و يأخذ الأفئدة لما يحمله من دلالة انتصار الحق وضحد الإنكار و الجهل الذي غلف عقول المشركين ، ليعقبه مشهد مخاطبة الحق – سبحانه وتعالى– للنار قائلا : ( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69).
تشخص في خاطري النار و هي تتلقى أوامر الحق – سبحانه و تعالى – بأن تكون بردا على عكس ماديتها الحارقة و أن تكون برودتها آمنة على مادية إبراهيم -عليه السلام - البشرية ...أمر إلهيي دقيق لا يحتمل الشبهة أو الالتباس ؛ حماية للنبي المرسل و حفظا له من بطش الجهلاء .
صورة شاخصة تحمل ألوان الإعجاز الذي يحيل المعاني المجردة إلى معاني مشاهدة تؤكد قيومية الخالق على خلقه ، و تكون أكثر إبانة و إفهام لكل العقول و الثقافات ...
هكذا شاهدت آية الحق - سبحانه و تعالى - الكاشفة عن إعجازه في إحالة الغير عاقل (النار) إلى عاقل يفهم و يدرك بمضامينها الحقيقة والمخيلة ، و لا عجب في ذلك لأني سمعت الحق سبحانه وتعالى يقول : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(82).
فهذه المشاهد المتتابعة المعنية بكشف مراد القصة القرآنية المباركة للمتلقي أخالها آلية إقناعية تجعل النفس تتأثر بها و تنفعل معها ، فالتصوير القرآني بما يحمله من تشخيص وتجسيم من أبرز آليات قيادة العقل البشري لفهم وإدراك مقاصد النص القرآني المبارك، و لونا من ألوانه المعجز الفريد الذي يحتاج إلى جهد الباحثين وتنقيب المدققين.