الغش.. أزمة ضمير

تعد مشكلة الغش من أخطر المشاكل التي يواجهها التعليم في مصر في السنوات الأخيرة وأوسعها تأثيراً على حياة الطالب والمجتمع حوله. وتطل علينا امتحانات الثانوية العامة كل سنة بمشاكلها وإن كانت المشاكل الأكثر شيوعا هي صعوبة الأسئلة وما إلى ذلك من المشاكل المعتادة ولكن أن تكون هناك مشكلة خطيرة وهي تسريب الإمتحانات والغش الجماعي هذا لا يقبله الضمير الإنساني، فكم من الطلبة سهروا وتعبوا طوال السنة لكي يجنوا ثمار تعبهم ومذاكرتهم ويتكلل هذا التعب بالنحاج والتفوق ونجد في المقابل يحصد الفاشلون الغشاشون النجاح والتفوق بالغش . ظاهرة الغش الجماعي في الامتحانات هذه السنة أصبحت فجة للغاية ،ويرجع ذلك إلى انخفاض مستوى التحصيل الدراسي للطالب، والرغبة في النجاح بأية وسيلة، والرغبة في الحصول على درجات مرتفعة دون أدى تعب .وضعف الوازع الدينيى وانعدام الضمير في الطالب والمسئولين عن تسريب الامتحانات وتسهيل اللجان للغش .
والامتحانات بوصفها الحالي لها انعكاسات سلبية على العملية التعليمية بأكملها فالمنظومة فاشلة لأنها تُشَجِّع الطلاب على الغش بدلاً من روح التعاون والبحث نظرًا لاعتمادها على الكتاب المقرر فقط . كما أن أغلب الامتحانات تقيس المستويات المعرفية البسيطة مثل التذكر والفهم، وتتجاهل المستويات العليا للتفكير كالتحليل والتمييز والتقويم . ولو نظرنا نظرة تأمل للواقع نرى أن عدد الطلاب المتخرجين في كل عام بالآلاف ولكن من منهم يخترع أو يكتشف ، أو يقدم مشروعا نافعا للوطن، قلة قليلة لا تكاد تذكر . أن الغاش غدا سيتولى منصبا ، أو يكون معلما و بالتالي سوف يمارس غشه وفساده للأجيال القادمة ، وهذا نتيجة عدم التركيز أثناء الشرح وعدم الاستعداد الجيد للامتحان ، فالمجتمعات ترتقي وتتطور بالعلم ليس بالغش والكسل ، بل تكون سبب لتأخره ، و عدم تقدمها و عدم رقيها ، و ذلك لان الأمم لا تتقدم إلا بالعلم و بالشباب المتعلم ، فإذا كان شبابها لا يحصل على الشهادات العلمية إلا بالغش ماذا سوف ينتج لنا هؤلاء الطلبة الغشاشون ؟ ما هو الدور الذي سيقوم به في بناء وطنه ؟ ظاهرة الغش فى الامتحانات تستحق ان نتوقف أمامها بمنتهى الجدية فهي تستوجب اهتماماً كبيراً على أعلى مستوى لابد من التعامل معها كمرض والنظر إليها كأحد أبرز أعراض تشوه العملية التعليمية .
في كل بلاد العالم المتحضر والنامي يوجد ثانوية عامة أو ما يشابهها وهذه المجتمعات ترى أن الإمتحانات شيء طبيعي يمر بها الطالب الذي ينتقل من مرحلة إلى أخرى ومن الطبيعي أن تكون الإمتحانات صعبة بعض الشيء حتى تفرز الطالب المجتهد من الطالب الكسلان ومن الطالب الذي هضم المنهج من الطالب المستهتر ومن الطالب الذي يتمتع بالإبداع من الطالب الذي يكتفي بالصم فقط .ولكن في مصر نرى غول الثانوية العامة من قبل بداية العام الدراسي وحجز الدروس عند فطاحل المدرسين والرهبة في المنازل وحالة الطوارئ التي يفرضها الأهل على ابنائهم وبيوتهم . ليتنا نتعلم من الدول المتقدمة وان ننقح منظومة التعليم لتليق بمستوى مصر لتفرز أجيال من النوابغ والمخترعين والمبتكرين بدلاً من الفاشلين .