كان لوسى يجيد 5 لغات وكان يرقص كل الرقصات وكان متحررا جدًا... لف الدنيا غربًا وشرقًا... وعاد لمصر برقصة الرومبا وبالغناء التركى... كذلك لوسى لم يكن يعمل لأن بابا بيصرف عليه... فصديقنا لوسى لا يحب العمل ويؤمن بالكسب السريع... وعلى النقيض تمامًا حسين الشاب الخجول الناجح عمليًا... الذى يجيد العمل أكثر من الرقص ولا يهتم كثيرًا للرفاهية... ويقدر قيمة العمل... ينغمس في مصنعه وفى عمله... هذان كانا النموذجان اللذان قدمها فيلم أشاعة حب اجتماعيًا لشابين من نفس الطبقة الاجتماعية وقد قامًا بالدورين الفنانين عمر الشريف ونجيب رمسيس.
الفارق بين لوسى وحسين هو الفارق بين الليبرالية الجديدة والليبرالية الكلاسيكية... فالليبرالية الكلاسيكية تعنى قيم الديمقراطية والحرية والنشاط الاقتصادى المفتوح والمبادرة الفردية لكن في اطارها الاجتماعى... أما الليبرالية الجديدة فهي دعم الفردية داخل المجتمع والتحرر ضد القيم ونقض العادات والتقاليد وتكتيف الاقتصاد بالشركات المتعددة الجنسيات... فالليبرالية الجديد أو New libral أكثر ميلًا للشركات الضخمة وليس المصانع المتوسطة أو المشاريع الصغيرة.
الليبرالية الكلاسيكية أو الليبرالية الاصيلة.. كانت تعنى التنوير بالحضارة والفنون والارتقاء بالإرث الحضارى للمجتمعات وتدع للشعوب الفرصة للتطور بأفكارها.. أما الليبرالية الجديدة فهى نموذج يفرض نفسه على المجتمعات... يريد تغيير الهوية المحلية ويضرب القيم ويصنع شروط للمجتمعات لإستثمار فيه.
الليبرالية الكلاسيكية كانت تؤمن بالعمل الاجتماعى في إطار المصالح الاقتصادية للدولة والمجتمع... أما الليبرالية الجديدة فتؤمن بأن الأعباء الاجتماعية ليست مسئولية الاقتصاد وتبحث دائمًا عن الإعفاءات الضريبية.
الليبرالية الاصلية كانت ديمقراطية تؤمن بالحرية التي لا تعتدى على حقوق الغير والمساواة والعدالة والرحمة ويتوج دورها الاجتماعي العمل الأهلي... وتقوم على مبادئ المواطنة وتطبيق القانون على الجميع.... أما الليبرالية الجديدة أو المُحدثة فالحرية والمساواة فيها تعنى الفردية المطلقة طالمًا دفعت ضرائبك... وفى هذا تروج لحقوق الشذوذ مثلًا وتٌستغل في تقسيم المجتمعات تحت ذريعة حقوق الأقليات.
الليبرالية الكلاسيكية خلاقة في تفاعلتها... اجتماعيه في أفكارها... وحرية السوق هي جزء من تراثها الاخلاقى والاجتماعى... فهي منهج تطوير ونهوض اجتماعي. يحافظ على ثوابت الشعوب وعاداتها ويطورها.
أما الليبرالية الجديدة استعلائية ومغرورة.. تعتبر العادات قيود والوازع الأخلاقي عاطفه فارغة... وتنظر للشعوب بإعتبارها سوق استهلاكى بلا قلب... ولذلك هي تضع المصالح فوق القيم... وهذا يجعلها لا تكترث بأحوال غير القادرين.. ويهمها أكثر حجم الأرباح في البورصة.
الليبرالية الجديدة عملية وتستهدف الربح دائمًا... وحرية السوق فيها تعنى الاستهلاكية الشديدة واقتصاديات الرفاهية وتضييق قدرة الاسرة على الادخار مع التوسع فى حرية ممارسة الافراد في الاقتراض.
الليبرالية الكلاسيكية قامت على مجتمعات الإنتاج والتنمية المستدامة... أما الليبرالية الجديدة تحقق أرباحها من اقتصاديات الخدمات والمولات والكافيهات والمضاربات... الفارق بين الاثنين... هو أن الليبرالية قديمًا كانت إفراز اجتماعى وتعنى التنوير وحرية الابداع وحرية تملك الثروة... أما نسختها الجديدة فقد جاءت مولودًا مشوهًا وضعت اسسه الشركات بحثًا عن مجتمع استهلاكى بلا قيم غارق في استهلاكيته وتلتزم فيه الطبقة الوسطى بأن تدفع كل الأعباء الضريبية في حين لا يدفع الكبار ضرائبهم... وتبقى الطبقات الفقيرة لتصبح عامل تخويف لأبناء الطبقة الوسطى لا أكثر.
الليبرالية القديمة كانت نتيجه تحول اجتماعى في مرحلة ما بعد الاقطاع... أما الليبرالية الجديدة هي تعبير عن تحول تصنعه مصالح الأموال وليس احتياجات المجتمعات.
الليبرالية الجديدة.. هي نسخة مصنوعة تكنولوجيًا... أنانيه وفردية.. وشركاتيه في افكارها وفى أهدافها... يتبعها فقط كل لوسي.. يشعر بالاغتراب الى الخارج... يفتح اليوتيوب ليرقص طربًا على الاغانى الأجنبية... وهو بطبيعة الحال لا يريد العمل والاجتهاد.. لكنه بيحب يلبس ماركات.