الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرقابة على شركات الصرافة .. وحدها لا تكفي


الإجراءات التى اتخذها ، ولا يزال يتخذها ، البنك المركزى فى بلادى مصر، بشأن ضبط العلاقة السعرية بين الجنيه والدولار الأمريكى ، والتى تتمثل فى فرض رقابة شديدة على شركات الصرافة ، وإنذار المخالف منها وإغلاق عدد منها ، تبدو إجراءات عملية تتناسب مع طبيعة المرحلة الحالية ، التى تشهد ما يشبه حالة "احتكار الدولار" ومنعه من السير فى القنوات الرسمية له ، سواء عبر شركات تداول العملات الأجنبية ، أو من خلال البنوك الرسمية.

فقد اتخذ "المركزى" إجراءات عديدة على مدار شهور مضت وتستمر لفترات طويلة قادمة ، لاعادة الجنيه المصرى الى الحدود السعرية الآمنة مقابل الدولار، الذى وصل بدوره إلى أرقام عالية خاصة فى السوق الموازية لصرف العملات الأجنبية"السوق السوداء"، والتى تتم داخل شركات الصرافة المرخصة عبر التعاملات غير الرسمية وبأسعار تفوق تلك التى يحددها البنك المركزى، وخارجها خاصة فى المناطق النائية التى تتسم بضعف الرقابة من مباحث الأموال العامة ، التى تنشط وبشكل ملحوظ فى القاهرة الكبرى مقارنة بغيرها من أقاليم الجمهورية.

كان من بين تلك الاجراءات ما تم بالفعل، كطرح عطاءات دولارية لتعويض النقص لدى البنوك ، وتحديد سعر الجنيه مقابل الدولار، ومنها ما ينتظر التنفيذ كطرح سندات دولارية فى الخارج واسهم داخلية بالبورصة، وكان من بين تلك الاجراءات أيضا إحكام الرقابة على شركات الصرافة، والتى انتهى الأمر باغلاق 47 شركة منها بعد ثبوت تلاعبها بالتعامل فى الدولار.

وقد جاءت تلك الاجراءات بنتائج ايجابية وحدت من عمليات تسلل الدولار الى السوق السوداء ، وهو ما ظهر فى تراجع قيمته امام الجنيه المصرى.

غير أن تلك النتائج كانت وقتية ولا يمكن الاعتماد عليها فى الأجل الطويل، ولا تكفى وحدها لعلاج الأزمة، لتبقى أزمة الدولار وهروبه الى القنوات غير الرسمية أزمة حقيقية فى حاجة الى سياسات اقتصادية مصرية جديدة للقضاء عليها.

ومن بين تلك السياسات – عندى - دفع عجلة الاستثمار ، بما يتطلبه ذلك من ضرورة رفع الفائدة على المدخرات المحلية ، التى يجب أن تتوجه الى الاستثمار والوصول بقيمته الى نفس قيمة الادخار ، فضلا عن سياسات أخرى تتعلق بالاستيراد وضرورة الحد منه والتوجه الى الصناعة المحلية وتعزيز الصادرات التى تمثل أحد أركان الحل.

بجانب ذلك يجب على حكومة بلادى مصر ، أن تنتهج سياسة جديدة لتنشيط السياحة ، بعيدا عن الإجراءات المحلية التى أعلنتها الجهات الحكومية المختلفة وفى مقدمتها وزارة السياحة من تشجيع السياحة الداخلية ، غير أن التنشيط الفعلى للسياحة يتطلب جهودا خارجية ، خاصة أن تراجعها ليس مرتبطا فقط بالشئون الداخلية، وانما بالصورة الخارجية لمصر ، وهو ما يفرض على جهات أخرى كالسفارات فى الخارج ، والهيئة العامة للاستعلامات ، ووزارة الخارجية لعب دور اقتصادى مهم فى هذه المرحلة.

إجراءات البنك المركزى الاخيرة اذن لاتكفى وحدها لمنع هروب الدولار الى السوق السوداء والايقاع به فى سلة الاحتكار ، وإنما هى إجراءات ينبغى أن تسير جنبا إلى جنب مع سياسات اقتصادية أخرى ، لوضع حل جذرى لأزمة الارتفاع الجامح فى سعر الدولار الأمريكى مقابل الجنيه المصرى.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط