الخناقة السياسية الجارية على الساحة الآن.. هى نتيجة طبيعية لوهمية التصنيفات السياسية فى بلدنا.. إذ هى انعكاس حقيقى لفوضى المصالح التي سبقت وأعقبت حراكى 25 يناير و30 يونيو الثوريين.. لذلك يرفع كل طرف يافطة سياسية تخدم نزاع المصالح لا أكثر.
من يرفعون يافطة الرئيس الأسبق مبارك يريدون العودة إلى بروتوكولات المصالح ما قبل يناير2011.. ومن يرفعون يافطة يناير يريدون العودة الى بروتوكولات المصالح فى فترة السيولة الأمنية والسياسية.. ربما بعض قادة يناير يترحم على أيام الإخوان.. لأن الإخوان كانوا جزءًا من النظام السياسي الذى أنتجته بروتوكولات السيولة وأحكامها.
لا أتحدث هنا عن الأفراد والأشخاص ولا حتى من تصدٍ للعمل السياسي خلال الفترة الماضية.. وإنما عن صورتين ذهنيتين تداعبان خيال جزء غير قليل من النخبة خلال الخمس سنوات الماضية.. وإذا أردنا فهم الحالة يجب إرجاع الأشياء لمفاهيم صحيحة، إذ لا يمكن تفسير ما جرى فى مصر استنادًا الى تصنيفات لا أساس لها من الصحة.
هناك سؤال مهم.. هل كان الرئيس الأسبق مبارك يحكم نظامًا سياسيًا بمرجعية فكرية عقائدية كحزب البعث مثلًا؟ الإجابة لا، لأنه كان نظام حكم نفعيًا وبرجماتيًا وكان الحزب الوطنى يجمع مصالح للنظام الحاكم.. أو قل هو القناة الشرعية للقيادات الطبيعية فى المجتمع التى تريد الارتباط بمصالح البيروقراطية المصرية.
سؤال ثانٍ.. هل أنتجت ثورة 25 يناير.. ميثاقًا فكريًا أو رؤية وبرنامج عمل لتنفيذ أهداف الحراك الاجتماعى وقتها؟ الإجابة لا.. أدت حالة السيولة وتناحر التيارات السياسية التى انتسبت إلى الثورة.. إلى الانخفاض بها من مستوى الثورة ذات الانعكاس الاجتماعى.. إلى الحركة المطلبية العامة التى لا تأثير لها على شكل ومضمون الحراك السياسي.
إذ لم تكن الثورة يسارية الهوى.. أو ليبرالية ورأسمالية المحتوى.. وبالتأكيد لم تكن إخوانية الطابع أو سلفية الهدف،
وكانت ثورة 25 يناير هى ثورة إصلاحية فى نظر الجمهور العام الذى خرج إلى ميدان التحرير.. وكانت حراكًا للطبقة الوسطى.. التى كانت ضحية التحولات الاقتصادية خلال العشر سنوات السابقة على يناير 2011.. لذلك سرعان ما تحولت يناير.. الى أكبر مظاهرات فئوية خرجت فى وقت واحد فى تاريخ مصر.
هذا يفسر خروج المصريين فى 30 يونيو 2013 .. الذين وجدوا يناير تختطف من ثوبها الإصلاحى لتكون إخوانية بغطاء دولي.. فالبديهى أن المصريين لم يخرجوا في يناير بدعوة الاخوان.. أو لتنصيب الإخوان.. وإنما خرج المصريون فى يناير وفى يونيو لأنهم يريدون نظامًا سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا جديدًا، وكذلك كانت يونيو كاشفة عن فقدان الرأي العام الثقة في حالة فوضى المصالح التي انجرفت بمصر إلى حافة الهاوية.. فنظام سياسي ينشأ في الفوضى من الطبيعى أن تحكمه العشوائية.
هل تشكل النظام السياسي والاجتماعى والاقتصادي الجديد؟ الإجابة لا.. نحن نعيش مرحلة انتقالية.. من حالة الفوضى والسيولة.. إلى بداية إصلاح هيكلى حقيقى.. يستجيب لاحتياجات المجتمع الفعلية.. لهذا يأخذ هذا التغيير محاور متعددة.. أولها إعادة هيكلة الجهاز الادارى للدولة ليكون أعلى من حيث الكفاءة وأكثر رشادة.. وثانيها العمل على إعادة تنظيم فوضى المصالح المالية والسياسية فى المجتمع.. والثالثة إعادة التوزيع الجغرافى للسكان لتوسعة النشاط الاقتصادى.. وإدخال قطاعات جديدة من المجتمع داخل الاقتصاد الجديد.
وهذا كفيل بعدالة توزيع الثروة وتشكيل اقتصاد سوق فعالة.. ورابعها مواجهة التحديات الامنية المباشرة فى منطقة الشرق الأوسط وفى مقدمتها أخطار الإرهاب والتقسيم للدول العربية.
الأسئلة هنا متعددة.. هل كان هناك نظام سياسي يستطيع المجتمع الاعتماد عليه فى مرحلة الانتقال من الفوضى للسيولة؟.. وهل كانت تستطيع فوضى المصالح المالية والاجتماعية قيادة المجتمع بالسمو فوق خلافاتها؟.. وهل كان المجتمع المدنى بشكله وتركيبته قادرًا على القيام بدور يتجاوز حدود الاصطياد فى الماء العكر؟.. هل كان يمكن لنخب حزبية تحصر أفكارها فى خناقة تاريخية بين ثورة يوليو وما قبلها أن تصنع تصورًا واضحًا للقرن الحادى العشرين؟
وكان بإمكان الإدارة الحالية.. أن تنسب نفسها لأى من اليافطات السياسية المرفوعة.. لكنها وقتها كانت ستكون جزءًا من فوضى المصالح لا الحل.. وعلى التجديدين والإصلاحيين من مرحلة ما قبل 25 يناير وما بعدها.. أن يعلموا أن تأسيس نظام سياسي حقيقي وديمقراطى.. يؤسس فقط بدولة قوية وليست شبه دولة.. والدولة هى طليعة المجتمع.. ومعناها أكبر من المرافق الخدمية.
من يرفعون يافطة الرئيس الأسبق مبارك يريدون العودة إلى بروتوكولات المصالح ما قبل يناير2011.. ومن يرفعون يافطة يناير يريدون العودة الى بروتوكولات المصالح فى فترة السيولة الأمنية والسياسية.. ربما بعض قادة يناير يترحم على أيام الإخوان.. لأن الإخوان كانوا جزءًا من النظام السياسي الذى أنتجته بروتوكولات السيولة وأحكامها.
لا أتحدث هنا عن الأفراد والأشخاص ولا حتى من تصدٍ للعمل السياسي خلال الفترة الماضية.. وإنما عن صورتين ذهنيتين تداعبان خيال جزء غير قليل من النخبة خلال الخمس سنوات الماضية.. وإذا أردنا فهم الحالة يجب إرجاع الأشياء لمفاهيم صحيحة، إذ لا يمكن تفسير ما جرى فى مصر استنادًا الى تصنيفات لا أساس لها من الصحة.
هناك سؤال مهم.. هل كان الرئيس الأسبق مبارك يحكم نظامًا سياسيًا بمرجعية فكرية عقائدية كحزب البعث مثلًا؟ الإجابة لا، لأنه كان نظام حكم نفعيًا وبرجماتيًا وكان الحزب الوطنى يجمع مصالح للنظام الحاكم.. أو قل هو القناة الشرعية للقيادات الطبيعية فى المجتمع التى تريد الارتباط بمصالح البيروقراطية المصرية.
سؤال ثانٍ.. هل أنتجت ثورة 25 يناير.. ميثاقًا فكريًا أو رؤية وبرنامج عمل لتنفيذ أهداف الحراك الاجتماعى وقتها؟ الإجابة لا.. أدت حالة السيولة وتناحر التيارات السياسية التى انتسبت إلى الثورة.. إلى الانخفاض بها من مستوى الثورة ذات الانعكاس الاجتماعى.. إلى الحركة المطلبية العامة التى لا تأثير لها على شكل ومضمون الحراك السياسي.
إذ لم تكن الثورة يسارية الهوى.. أو ليبرالية ورأسمالية المحتوى.. وبالتأكيد لم تكن إخوانية الطابع أو سلفية الهدف،
وكانت ثورة 25 يناير هى ثورة إصلاحية فى نظر الجمهور العام الذى خرج إلى ميدان التحرير.. وكانت حراكًا للطبقة الوسطى.. التى كانت ضحية التحولات الاقتصادية خلال العشر سنوات السابقة على يناير 2011.. لذلك سرعان ما تحولت يناير.. الى أكبر مظاهرات فئوية خرجت فى وقت واحد فى تاريخ مصر.
هذا يفسر خروج المصريين فى 30 يونيو 2013 .. الذين وجدوا يناير تختطف من ثوبها الإصلاحى لتكون إخوانية بغطاء دولي.. فالبديهى أن المصريين لم يخرجوا في يناير بدعوة الاخوان.. أو لتنصيب الإخوان.. وإنما خرج المصريون فى يناير وفى يونيو لأنهم يريدون نظامًا سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا جديدًا، وكذلك كانت يونيو كاشفة عن فقدان الرأي العام الثقة في حالة فوضى المصالح التي انجرفت بمصر إلى حافة الهاوية.. فنظام سياسي ينشأ في الفوضى من الطبيعى أن تحكمه العشوائية.
هل تشكل النظام السياسي والاجتماعى والاقتصادي الجديد؟ الإجابة لا.. نحن نعيش مرحلة انتقالية.. من حالة الفوضى والسيولة.. إلى بداية إصلاح هيكلى حقيقى.. يستجيب لاحتياجات المجتمع الفعلية.. لهذا يأخذ هذا التغيير محاور متعددة.. أولها إعادة هيكلة الجهاز الادارى للدولة ليكون أعلى من حيث الكفاءة وأكثر رشادة.. وثانيها العمل على إعادة تنظيم فوضى المصالح المالية والسياسية فى المجتمع.. والثالثة إعادة التوزيع الجغرافى للسكان لتوسعة النشاط الاقتصادى.. وإدخال قطاعات جديدة من المجتمع داخل الاقتصاد الجديد.
وهذا كفيل بعدالة توزيع الثروة وتشكيل اقتصاد سوق فعالة.. ورابعها مواجهة التحديات الامنية المباشرة فى منطقة الشرق الأوسط وفى مقدمتها أخطار الإرهاب والتقسيم للدول العربية.
الأسئلة هنا متعددة.. هل كان هناك نظام سياسي يستطيع المجتمع الاعتماد عليه فى مرحلة الانتقال من الفوضى للسيولة؟.. وهل كانت تستطيع فوضى المصالح المالية والاجتماعية قيادة المجتمع بالسمو فوق خلافاتها؟.. وهل كان المجتمع المدنى بشكله وتركيبته قادرًا على القيام بدور يتجاوز حدود الاصطياد فى الماء العكر؟.. هل كان يمكن لنخب حزبية تحصر أفكارها فى خناقة تاريخية بين ثورة يوليو وما قبلها أن تصنع تصورًا واضحًا للقرن الحادى العشرين؟
وكان بإمكان الإدارة الحالية.. أن تنسب نفسها لأى من اليافطات السياسية المرفوعة.. لكنها وقتها كانت ستكون جزءًا من فوضى المصالح لا الحل.. وعلى التجديدين والإصلاحيين من مرحلة ما قبل 25 يناير وما بعدها.. أن يعلموا أن تأسيس نظام سياسي حقيقي وديمقراطى.. يؤسس فقط بدولة قوية وليست شبه دولة.. والدولة هى طليعة المجتمع.. ومعناها أكبر من المرافق الخدمية.