قلة الوعي وشاطئ الثراء

لا يكاد يمر عام إلا وتسلط وسائل الإعلام الضوء على حادثة مروعة يتعرض لها فوج من الشباب المصري الحالم بالسفر إلى "شاطئ الثراء" على الجانب الآخر من البحر المتوسط، حيث تعود جثث هؤلاء إلى ذويهم ليواروها الثرى بعد أن غرق مركبهم وضاعت أموالهم وتلاشت أحلامهم.
قبل أن نلوم المهاجرين غير الشرعيين على مسئولية الكارثة علينا أن نلوم " قلة الوعي " وقبل أن نلومهم بأنهم دفعوا الآلاف ( ربما بالسلف أو بيع مقتنياتهم ... إلى آخره ) ليبحروا إلى الشط الآخر هذا عمل يدل عن " قلة الوعي " ، وقبل ان نلومهم على أنهم أخذوا معهم زوجاتهم وأطفالهم الذين غرقوا في البحر علينا أن نلوم الجهل الذي يعيشون فيه ، وقبل أن نلومهم على اتفاقهم مع سماسرة الموت للعبور إلى الحياة الرغدة والوفرة والحياة الكريمة علينا أن نلوم أنفسنا خاصة الطبقة المتعلمة والمثقفة والواعية بما فيها من وسائل الإعلام المختلفة لأننا لم نفعل شيئًا لهؤلاء ولم نرفع من مستوى وعيهم وإدراكهم الإنساني بل تركناهم يغرقون في عواصف الحياة .
لكن الجميع أهمل المشكلة الحقيقية التي دفعت الشباب للتضحية بأرواحهم ووسائل الإعلام تناولت القضية من منظور جعل هؤلاء الشباب في نظر الرأي العام مجرمين كما تم تصويرهم على إنهم حفنة من الشباب الكسول الذي يجرى وراء سراب والمكاسب السهلة بدلًا من بذل مجهود في وطنهم.
هناك من يلومون الدولة والحكومة ولكن أتساءل أي دولة وأي حكومة ؟ دولة عبد الناصر أم دولة السادات أم دولة مبارك . فالموضوع متراكم منذ سنوات طويلة ومن غير المنصف إلقاء اللوم على حكومة اليوم التي ورثت كل هذه المتاعب والصعوبات ونأخذها كبش فداء.
ظاهرة الهجرة غير الشرعية خطر يداهم شبابنا ومستقبلهم ، وإن أردنا القضاء على مثل هذه الظاهرة فعلينا إيجاد بديل حقيقي جاد للشباب بدلا من تركهم في يد سماسرة البشر ، فالهجرة غير الشرعية أصبحت السوق السوداء للاتجار بالشباب الذين يلقون بهم في براثن الموت . وعلينا جميعًا أن نرفع درجة وعيهم حتى يميزوا اختياراتهم ولا يذهبون بأرجلهم نحو الكوارث لأن البعض قال لهم إن الجنة هناك عبر البحر وعلى الشط الآخر.