اللهم احم مصر .. من الكائنات التحليلية الاستراتيجية

منذ أن بدأت العمل بالصحافة منذ أكثر من 30 عاما منهم 15 عاما عملت ايضا بالصحافة التليفزيونية او ما يعرف باالتوك شو .. وأنا أرصد ظاهرة خطيرة بدأت تستوطن في مصر وهي توطن فيروس الكائنات التحليلية الاستراتيجية ..(فيروس المحلل الإستراتيجي)؛ وللأسف تفشت واستفحلت في السنوات الـ 6 الأخيرة.

وأقر وأعترف بأنني ساهمت انا وزملائي من العاملين في مجال الصحافة التليفزيونية ..والتوك شو وخاصة في أوقات الذروة وساعات الهواء المفتوحة 24 ساعة عقب 25 يناير 2011 وحتى عامين .. ولست في معرض تقييم لها أو إصدار أحكام .. ما يعنيني هنا أن ساعات الهواء التليفزيونية المفتوحة على مدار اليوم والبث المباشر من مواقع الأحداث كانت من المستجدات على المحطات الفضائية الخاصة وبالتالي استدعى الأمر إستحضار ضيوف استديو للتحليل والتخفيف على المذيعين.

ومن هنا عرفت مصر وفضاء القنوات الكائنات الإستراتيجية التي انطلقت تنهش في عقول المشاهدين البسطاء الأبرياء الذين وقعوا في أسر كائنات التحليل الاستراتيجي الشرسة .. وتحدثوا في كل شيء ولم يعد هناك محرمات أو خطوط حمراء وتطاول منهم من تطاول ومنهم من كانوا طلاب مناصب قيادية وحصلوا عليها ومنهم من جاءوا محافظين ووزراء ومذيعين ورواد فضاء .. ومنهم من دخل الاتحادية كمستشارين وأعضاء مجلس نواب حاليين ..

آه والله وفيروس التحليل الاستراتيجي تم تخليقه داخل معامل قناة الجزيرة القطرية راعية الخراب العربي قبل غزو العراق وكانوا يستحضرون المحلل الاستراتيجي للتمهيد لخراب العراق وانتقل الفيروس من فضائية الجزيرة لباقي الفضائيات وتواصل الخراب العربي وتراجعت معدلات مشاهدة الجزيرة وفقدت مصداقيتها.

لكن فيروس المحلل الاستراتيجي واصل انتشاره واكتسب مناعة ولم تعد تجدي معه المضادات الحيوية واستمر الالتهاب العربي حتى الان ونراه في اليمن وليبيا وسوريا وحما الله مصر ودول الخليج من التهابات فيروس المحلل الاستراتيجي ..

ويظهر المحلل من دول ويبدأ كلامه بالسفسطة والحديث عن حالة الاحتقان الشعبي والتكتكة الثورية والبكبكة الجماهيرية وحمى السلطة ورشح التتنظيمات والميليشيات ويتحدث وكأنه عالم ببواطن الأمور والحقيقة انه لا يعلم شيئا سوى (المكافأة المالية السخية وغالبا ماتكون بالدولار ) وهذا لا يمنع أن نعترف بأنه لدينا في مصر مراكز بحثية محترمة وموثوقة وتأسست في بدايات القرن الماضي أي قبل أن تتأسس دول قزمة صغيرة تسعى من خلال قناة فضائية أن تنافس مصر أو تأخذ مكانتها المحورية في المنطقة والعالم وتفكيك الدول العربية وجيوشها للتحول الى كيانات صغيرة مثلها.

لكن نحمد الله أن حمى مصر بفضل جيشها من هذه المخطط الجهنمي .. والمحلل السياسي هو شخص أكاديمي وظيفته تحليل ودراسة القضايا السياسية ووضع أنماط وسيناريوهات لفهمها والتصرف حيالها وهي درجة وظيفية بالمراكز البحثية المهتمة بالقضايا السياسية او مراكز أبحاث الرأي العام ومنها على سبيل المثل مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ومركز كلية إعلام لدراسات الرأي العام.

أما فيما عدا ذلك من المحللين الاستراتيجيين العشوائيين المنتشرين في الفضائيات فأغلبهم بل جميعهم .. من عينة المحلل الاسترايتجي الفيروسي .. أتمنى أن نجد التطعيم المناسب له .. ويتم تفعيل ميثاق شرف العمل الاعلامي وإقرار القوانين المنظمة للإعلام والعمل الصحفي .. وحمى الله مصر من أبنائها المحللين الاستراتيجيين.