شهيد المدرعة يدهس نشطاء التوك توك

لازم نعترف اننا شعب متناقض بالفطرة .. في الشارع وانت راكب عربية تنتقد اللي بيقطعوا الطريق من المارة وأنت أحد المارة تنتقد قائدي السيارات انهم لايراعون المارة ولايقفون لسيدة عجوز تحاول عبور الشارع او سيدة تحمل طفل.

وأيضا تنتقد غيرك من قائدي السيارات الذين لا يراعون القواعد المرورية من التزام بالحارة وعدم الدخول من اليمين للشمال بدون إعطاء إشارة أو مراعاة من يسير خلفك أو بجوارك وأنت تفعل نفس الشئ، وكذلك من يترك سياراته صف ثان ويعطل المرور وأنت تفعل نفس الشئ عندما تذهب لشراء شئ ما أو تنتظر أحد وتنتقد من يسير في الحارة الشمال ببطء وتفعل نفس الشئ..والخ الخ بالنسبة للانفلات الاخلاقي المروري الذي أعتدنا عليه وننتقد ايضا رجال المرور لأنهم لاينفذون القانون على الجميع وعندما ترتكب مخالفة ويتم ضبطك نسارع جميعا لمن نعرفهم من رجال المرور.

ولا أنسى هنا واقعة المواطن المصري المقيم في دبي بالامارات العربية المتحدة حيث يطبق القانون على الجميع بمن فيهم نائب رئيس الدولة وحاكم الإمارة نفسه عندما تفاخر بأنه ذهب لأحد المولات التجارية وترك سيارته في موقف السيارات في مكان مخصص للمعاقين.

وعندما خرج وجد مخالفة في انتظاره قدرها 800 درهم أو ربما أكثر فعاد وقام شراء مقعد متحرك من المول التجاري سعره 300 درهم وجلس عليه ودفعه صديقه وبالتالي تم إسقاط الغرامة عندما رأه رجل المرور ثم بعد ذلك عاد وقام بإعادة المقعد المتحرك للمحل الذي اشتراه منه واسترد المبلغ .. رغم طرافة الواقعة ودلالاتها الفهلوية المصرية إلا أنها مريرة ومؤسفة وتدل على ماأقول.

التناقضات ليست فقط في القواعد المرورية والتحايل عليها، وإنما تمتد لكافة مناحي الحياة.. نشتكي جميعا من ارتفاع الأسعار بسبب ارتفاع الدولار مقابل الجنية المصري ونشارك جميعا في زيادة الأزمة وتحول الدولار من عملة أجنبية الى سلعة .. كل من يتوفر لديه سيولة ومن باب الفهلوة يسارع بشراء الدولار والمضاربة عليه مما يفاقم الأزمة وكأنه يعيش في الهونولولو .. ورجال الأعمال يحتكرون كل شيء بدءا من السجاير التي خزنوها قبل اقرار القيمة المضافة بشهور وربحوا الملايين وبعد ذلك ينضمون الى المنتقدين والمتشدقين بشعارات .. حكومة فاشلة والسيسي مش عارف يضبط الأسواق.

ولست أدافع عن الحكومة فلها أخطائها وتناقضاتها ايضا وكل وزير يصدر قرارات بمعزل عن باقي الوزراء مثل التناقض والتضارب القائم بين وزارات الزراعة والتموين والتجارة والصناعة وهو ماظهر في أزمة الارز ومن بعدها وقف تصدير الفواكهة والخضروات المصرية بسبب قرار وزير الزراعة الخاص بايقاف استيراد القمح به أي نسبة من الأرجوت .. وتم التراجع عنه بقرار من رئيس الحكومة .. يجب أن نعترف أننا نمر بأيام غاية من الطرافة والتناقض في كل شيء والمواطن يناقض نفسه مرتان وثلاث مرات في نفس الأسبوع ونفس اليوم .. يطالب الجميع باصلاح حال التعليم وتجد من أولياء الامور الذي يشجع ابنه او بنته ان يغش في الامتحان ويساعده على ذلك ويشتري له الامتحان اذا تم تسريبه وبالتالي يزداد حال التعليم تدهورا وفسادا ونخرج أجيال من الجامعة نجحوا بالغش ومهندسين واطباء فاشلين ومتناقضين .. وهلم جرا ..

حتى في السياسة والتحليل السياسي والاستراتيجي تجد من يعترض على أمريكا ويقول لها .. لاتتدخلي في شئووننا الداخلية ثم نسارع ونطلب قرض من البنك الدولي وصندوق النقد اللي أمريكا أكبر شريكه به .. وتجد نفس المحلل الاستراتيجي يهلل فور موافقة صندوق النقد الدولي الامريكي على منح مصر القرض بشروط يهلل ويصفر ويسارع ويصرح بأن موافقة الصندوق على منح مصر القرض شهادة ثقة لاقتصاد مصر .. ويتجاهل الشروط .. اللي هي تدخل في شئؤؤننا الداخلية .. والله المستعان .. لابد من وقفة مع النفس .. وكل من يطالب بالاصلاح أن يبدأ بإصلاح نفسه اولا وعلينا جميعا أن نتخلص من حالة التناقض والشيزوفرنيا المتوطنة في المجتمع المصري .. وأخيرا انتفضت ميلشيات السوشيال ميديا واحتفت بخريج التوك توك .. وتجاهلت الـ12 شهيدا من خريجي المدرعة الذين قدموا حياتهم فداء لخريجي التوك توك.. (ملحوظة .. خرجي التوك توك هم النشطاء الذين باعوا وطنهم مقابل حفنة دولارات الأمير الصغير والامبراطور العثماني اللاسع .. واللهم احمي مصر من أبنائها.