انتقاب المرأة «مكروه» عند المالكية في حالة واحدة

قال الدكتور علي جمعة، مُفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن جمهور العلماء ذهبوا إلى أن النقاب ليس واجبًا على المرأة المُسلمة، بل هناك حالة يُكره فيها عند المالكية.
وأوضح «جمعة» في تصريح له، أن الصحيح في النقاب الذي يستر وجه المرأة المُسلمة، أنه ليس واجبًا، حيث إن عورة المرأة المسلمة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين، فيجوز لها كشفهما، مشيرًا إلى أن هذا مذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية.
وتابع: وذكر المردوي أنه الصحيح من مذهب أحمد وعليه أصحابه وهو أيضًا مذهب الأوزاعي وأبي ثور وغيرهما من مجتهدي السلف، بل نص المالكية علي أن انتقاب المرأة مكروه، إذا لم تجر عادة أهل بلدها بذلك، وذكروا أنه من الغلو في الدين.
ودلل بما قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في «أسني المطالب» من كتب الشافعية: «وعورة الحرة في الصلاة وعند الأجنبي ولو خارجهاجميع بدنها إلا الوجه والكفين»، منوهًا بأنه من السنة: ما رواه الإمام البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال:"ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" ولو كان الوجه والكف عورة ما حرم سترهما.
واستشهد بما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل رديف النبي صلي الله عليه وآله وسلم فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها "وجاء في بعض الروايات وكانت امرأة حسناء" وتنظر إليه فجعل النبي صلي الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلي الشق الآخر.
وواصل: فقالت: إن فريضة الله أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت علي الراحلة أفاحج عنه؟ قال:"نعم" وذلك في حجة الوداع ولو كان الوجه عورة يلزم ستره لما أقرها عليه الصلاة والسلام علي كشفه بحضرة الناس ولأمرها أن تسبل عليه من فوق و لو كان وجهها مغطي ما عرف ابن عباس رضي الله عنهما أحسناء هي أم شوهاء.
واستند إلى ما رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وفيه تذكير النبي صلي الله عليه وآله وسلم النساء بالصدقة لتوقي النار فقالت امرأة من سطة النساء أي من خيارهن سفعاء الخدين: لم يارسول الله؟إلخ و فيه إشارة إلي أن المرأة كانت كاشفة عن وجهها وان راوي الحديث رأي ذلك منها.
وبحديث السيدة عائشة الذي سبق ذكره وفيه قول النبي صلي الله عليه وآله وسلم:"يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يري منها إلا هذا وهذا" وأشار إلي وجهه وكفيه.
ونوه بأن الحاجة تدعو إلي إبراز الوجه للبيع والشراء وإلي إبراز الأكف للأخذ والعطاء، بينما يري بعض العلماء وجوب النقاب مستدلين ببعض النصوص المحتملة في المسألة والتي أجاب عنها الجمهور بأن ما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال وإذا تعارضت الأدلة فالأصل براءة الذمة من التكليف.
ولفت إلى أن قضية الثياب مرتبطة ارتباط وثيقًا بعادات القوم والراجح ما عليه الجمهور من جواز كشف المرأة وجهها وكفيها وهو الذي عليه العمل والفتوي في الديار المصرية أما المجتمعات الأخري التي يتناسب معها مذهب الحنابلة فلا بأس بأن تلتزم النساء فيها بهذا المذهب لموافقته لعاداتها وعدم ارتباطه بتدين المرأة وإنما جري العرف عندهم والعادة أن تغطي المرأة وجهها.
وهذا الخلاف إنما هو فيما إذا لم يتخذ النقاب علامة علي التفريق بين الأمة أو شعارًا للتعبد والتدين أما إذا سار كذلك فإنه يخرج من حكم الندب أو الإباحة إلي البدعية لأنه أصبح بذلك مطية للشقاق وسببا لتفريق المسلمين وتشرذم أسرهم وعائلاتهم.