لو الحكومة فاشلة .. ماتخربش الوطن

فيه سؤال حاولت أعثر له على اجابة لعدة سنوات خاصة في بداية الشباب والسفر الى الدول غير الإسلامية حيث النظام والنظافة في الشوارع والحدائق الغناء بعدما كانوا يخدعوننا بأن الاستعمار أتى الى مصر والدول العربية لأننا بلدان غنية بالزراعة والخضرة وهم يفتقدون لذلك وبعد أول زيارة الى لندن مثلا اكتشفت أن بالعاصمة فقط أكثر من 500 حديقة ضخمة بخلاف البراري التي حافظوا عليها كما هي من آلاف السنين بغزلانها وطيورها وبحيراتها..
المهم السؤال الذي كان يشغلني هو لماذا رغم أن ديننا الاسلام يحضنا على النظافة والوضوء خمس مرات في اليوم وإماطة الأذى عن الطريق .. رغم ذلك لا نجد في شوارعنا سوى الأذى والزبالة والقمامة .. حتى في العمارات الضخمة تجد السلالم والمدخل في قمة لامؤاخذة الاهمال وتراكم الاتربة وفي كثير من الاحيان تجد القمامة على السلالم وأمام الشقق .. ثم تجد الشقق من الداخل غاية في النظافة والترتيب .. يعني كل واحد مهتم بنظافة محيطه الصغير أو وطنه الصغير المتمثل في بيته .. بينما وطنه الكبير اللي هو عايش فيه سواء كان الشارع أو المدينة في غاية الاهمال وبعض الاحيان يساهم بنفسه في نشر القمامة والاتربة والفوض فيه .. اذا انتقلنا الى المحيط الاكبر وهو الوطن (مصر) تجد كثيرا من المواطنين الشرفاء يساهمون في تخريب الوطن بدعوى كرههم للحكومة .. لماذا هل حكومة شريف إسماعيل هي مصر ..
اذا كانت حكومتنا فاشلة فليس ذلك معناه أن أخرب وطني مصر لهذا السبب .. يؤلمني أن كثيرين من المواطنين العاديين يساهمون في زيادة أزمات مصر ومنها مثلا الاحتكار والمضاربة على الدولار أو تخزين السلع الاستراتيجية واذا كان من الميسورين من يسارع بشراء وتخزين السلع التي تدعمها الدولة من أجل الفقراء مما يزيد الازمات ويعقدها وهذه الظاهرة ليست في مصر فقط وانما في كل الدول العربية وهو ما أشار اليه روبرت فيسك متسائلا :
أتعلمون لِمَ بيوت العرب في غاية النّظافة بينما شوارعهم على النّقيض من ذلك ؟! السببُ أنّ العرب يشعرون أنّهم يملكون بيوتهم لكنهم لا يشعرون أنهم يملكون أوطانهم ! وروبرت فيسك أحد أشهر الصحفيين في العالم، وأحد الذين يعرفوننا جيدًا، عاش في بلادنا ثلاثين عامًا وما زال يسكن في بيروت.
هو مراسل الاندبندنت البريطانية في الشرق الأوسط، كان شاهدًا على الثورة الإيرانية، ومجزرتي حماة وحلب، والحرب الأهلية اللبنانية، وحرب الخليج الأولى، وغزو العراق، وحروب غزة الثلاثة، وهو من الصحفيين الغربيين القلائل الذين أجروا مقابلة مع بن لادن. وهو بالمناسبة رجل محترم والتقيته في حياتي العملية 3 مرات وأجرينا معه حوارات هامة قبل ثورة يناير وبعدها و يُعتبر مناهضًا لسياسة أمريكا وبلده بريطانيا في بلادنا، وله كتاب شهير في هذا المجال، أسماه : الحرب من أجل الحضارة: السيطرة على الشرق الأوسط !
وأعود لموضوعنا : هل شوارعنا غير نظيفة ومليئة بالقمامة بينما منازلنا نظيفة لأننا نشعر أننا لا نملكُ أوطاننا ؟ شخصيًا ، لا أعتقد ! وإن كنتُ أبصم بأصابعي العشر وجسمي كله أنّه صدق إذ قال إننا لا نشعر أننا نملكُ أوطاننا ، اللي انا عايز اقوله ان الحكومة ليست الوطن شئنا هذا أم أبينا، ومشاكلنا مع الحكومة لا يحلّها تخريب الوطن، إنّ الشعب الذي ينتقم من وطنه لأن حكومته سيئة لا يستحقّ حكومة أفضل ! ورقيّنا لا يُقاس بنظافة بيتنا وإنما بنظافة الحديقة العامة بعد جلوسنا فيها والشارع الذي فيه بيتنا والمدينة التي فيها الشارع الذي فيه بيتنا وهكذا ..
لو تأملنا حالنا لوجدنا أننا أعداء أنفسنا، وأنه لا أحد يسيء لأوطاننا بقدر من نفعل نحن ! وصدق القائل : الإنسان لا يحتاج إلى شوارع نظيفة ليكون محترمًا، ولكن الشوارع تحتاج إلى أُناس محترمين لتكون نظيفة.
لو الحكومة فاشلة .. ماتخربش الوطن
بقدر حبك للوطن ومهما كان حبك او كرهك للحكومة.... ماتخربش وطنك ولا تتآمر عليه .. والله المستعان.